(قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) (٣٢).
قال الله عزوجل : (كَذلِكَ الْعَذابُ) : أي هكذا كان العذاب ، أي : كما قصصته عليك ، يعني ما عذّبهم به من إهلاك جنّتهم. (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) : من عذاب الدنيا (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٣٣) : يعني قريشا. رجع إلى قوله : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) ، يعني قريشا ، لو كانوا يعلمون لعلموا أنّ عذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن الحصاد ليلا وعن الجداد ليلا. ذكروا عن الحسن أنّ رسول صلىاللهعليهوسلم نهى عن أن يصرم ليلا وأن يحصد ليلا (١).
ذكروا عن ابن عمر في قوله تعالى : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) [الأنعام : ١٤١] قال : هو سوى العشر ونصف العشر أن يناول منه يوم حصاده. وذكروا عن مجاهد (٢). وقال بعضهم : هو ما أخطأ المنجل. قال بعضهم تراه إنّما نهى عن الصرام ليلا وعن الحصاد ليلا وأن يضحّى ليلا لما كان للمساكين لئلّا يحرموا أن يطعموا منه ولا يصنعون كما صنع أصحاب الجنّة. ذكروا عن الحسن وسعيد بن جبير قالوا : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) قالوا : الزكاة المفروضة.
قوله عزوجل : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) (٣٥) : أي كالمشركين. أي : لا نفعل ذلك. ثمّ قال الله عزوجل للمشركين : (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٦) : أي ليس لكم حكم أن نجعل (٣) المسلمين في الآخرة كالمشركين.
ذكروا عن ابن مسعود قال : ثلاثة أحلف عليهنّ ولا أستثني : لا يجعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له ، ولا ولّى الله عبدا في الدنيا فيوليه (٤) غيره [في الآخرة] ، ولا يحبّ عبد
__________________
ـ لا يشاء أحد إلّا أن يشاء الله ، فوضع تنزيه الله موضع الاستثناء. اللسان : (سبح).
(١) حديث صحيح أخرجه البيهقيّ من حديث الحسن.
(٢) جاء في تفسير مجاهد ص ٢٢٥ ما يلي : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) قال : نافلة واجبا حين يصرم سوى الزكاة». وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٢ ص ١٦٣. ط دار المعارف.
(٣) كذا في ق وع ، وفي ز «أي : ليس حكمنا أن نجعل ...».
(٤) كذا في ق : «فيوليه» ، وفي ع «فوليه» ، وفي كليهما غموض.