(فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (٧) : شبّههم بالنخل التي قد انقعرت فوقعت. قوله : (خاوِيَةٍ) أي : خاوية أبدانهم من أرواحها مثل النخلة الخاوية. وتفسير الحسن أنّ النخل الخاوية هي البالية. وذكر بعضهم أنّ الريح تضرب أحدهم فتقلع رأسه بجميع أحشائه ، فتلقيه خاويا.
قال : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٨) : أي من بقيّة. أي : إنّك لا ترى أحدا باقيا ، أي قد أهلكوا.
قوله عزوجل : (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ) : وهي تقرأ على وجهين : (مَنْ قَبْلَهُ) و (من قبله) فمن قرأها (قَبْلَهُ) خفيفة ، فهو يقول ، ومن قبله من الأمم السالفة التي كذّبت الرسل ، ومن قرأها (قبله) فهو يقول : ومن معه. (وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ) (٩) : وهي قريات قوم لوط الثلاث. وقال بعضهم : خمس مدائن خسف بها كلّها ، (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) ، أي : جاءوا جميعا : فرعون ومن قبله ، على مقرأ من قرأها خفيفة ، أي : والمؤتفكات جاءوا جميعا بالخاطئة. ومن قرأها مثقّلة فهو يقول : وجاء فرعون ومن قبله ، ومن معه ، والمؤتفكات ، أي جاءوا جميعا بالخاطئة.
وتفسير مجاهد : جاءوا جميعا بالخاطئة ، أي : بالشرك. وقال بعضهم : بالمعصية. (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) : أي : عصى كلّ قوم رسول ربّهم الذي أرسل إليهم ؛ كقوله عزوجل : (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) [المؤمنون : ٤٤].
قال : (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) (١٠) : قال مجاهد : أخذة شديدة (١).
قال عزوجل : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) : أي على خزّانه بأمر ربّه ، وذلك يوم أغرق الله فيه قوم نوح (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) (١١) : يعني نوحا ومن معه وأولاده الثلاثة الذين الناس من ذرّيّتهم : سام وحام ويافث. والجارية : السفينة.
قال عزوجل : (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً) : أي فتذكرون أنّ جميع من في الأرض غرقوا غير أهل السفينة. قال عزوجل : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١٢) : أي حافظة. يعني بتلك التذكرة. وهي أذن المؤمن سمع التذكرة فوعاها بقلبه.
__________________
(١) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٦٧ : (أَخْذَةً رابِيَةً) نامية زائدة شديدة من الرباء».