قال تعالى : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) : على هيئة الوصفاء (١) لا يشيبون عنها ولا يموتون ابدأ. (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ) : أي شبّهتهم (لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) (١٩) : أي في صفاء ألوانهم ، والمنثور : أحسن ما يكون. وقال بعضهم : (لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) من كثرتهم. ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : حسن الخادم عند حسن المخدوم كالكوكب المظلم إلى جنب القمر ليلة البدر.
قال تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ) : أي في الجنّة (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) (٢٠). ذكر بعضهم قال : [يأتي الملك من عند الله إلى الرجل من أهل الجنّة بالتحفة والهديّة وبأنّ الله عنه راض ، فلا يدخل إليه حتّى يستأذن فيقول البوّاب : سأذكره للبوّاب الذي يليني ، فيذكره للبوّاب الذي يليه حتّى يبلغ البوّاب الذي يلي وليّ الله فيقول له : ملك يستأذن. فيقول : ائذنوا له. فيؤذن له ، فيدخل فيقول : إنّ ربّك يقرئك السّلام ، ويخبره أنّه عنه راض ، ومعه التحفة فتوضع بين يديه] (٢). وقد فسّرنا ما بلغ ذلك النعيم وذلك الملك في غير هذا الموضع.
قال تعالى : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ) : وبعضهم يقرؤها : (عالِيَهُمْ) (٣).
(وَإِسْتَبْرَقٌ) : وهو الديباج الغليظ. وهو بالفارسيّة : استبره. وتفسير الحسن : إنّه الحرير.
ذكروا عن عكرمة قال : أمّا السندس فقد رأيتموه : الحرير الرقيم الذي يحمل بالسوس (٤).
__________________
ـ وصرّف لأنّه رأس آية». وفي كتاب المعرّب للجواليقي ، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، حيث يذهب المؤلّف إلى أنّ الكلمة «اسم أعجميّ نكرة ، فلذلك انصرف ، وقيل : هو اسم معرفة إلّا أنّه أجري لأنّه رأس الآية». يقدّم المحقّق الشارح الشيخ أحمد محمّد شاكر تحقيقا قيّما لخّض فيه أقوال المفسّرين واللغويّين ، وأثبت ما كان ذهب إليه الزجّاج والطبريّ من أنّ الكلمة صفة للعين وليست اسما. وانظر : الزمخشريّ : الكشّاف ، ج ٤ ص ٦٧٢.
(١) في ق وع : «على هيئة الوصف» ، وفي الكلمة تصحيف صوابه ما أثبتّه : «الوصفاء» ، جمع وصيف ، «وهو الخادم ، غلاما كان أو جارية. يقال : وصف الغلام إذا بلغ حدّ الخدمة ، فهو وصيف بيّن الوصافة». كما جاء في صحاح الجوهريّ.
(٢) زيادة من ز ورقة ٣٨١ ـ ٣٨٢.
(٣) من قرأ (عالِيَهُمْ) بإسكان الياء وكسر الهاء جعله اسما ، ومن قرأ (عالِيَهُمْ) بفتح الياء وضمّ الهاء جعله ظرف مكان. انظر : ابن خالويه ، الحجّة في القراءات السبع ، ص ٣٣١.
(٤) كذا في ق وع : «يحمل بالسوس» ، ولعله : «يعمل بالسوس» والسوس بلدة بخوزستان ، غير السوس ـ