قال عزوجل : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) (١٩) : قال الحسن : إنّك لم تدر ما علّيّون حتّى أعلمتك. قال عزوجل : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) (٢٠) : أي مكتوب ، يكتب عليه في علّيّين. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من صلّى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلّم رفعتا له في عليّين (١).
قال : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٢١) : أي مقرّبو أهل كلّ سماء ، يشهدون كتاب عمل المؤمن حيث يرقم فيه ، أي : يكتب فيه ، يشهدون نسخه إذا نسخ ، ويشهدون عليه يوم القيامة أنّها أعمالهم. وبلغنا عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ أعمال بني آدم تنسخ من اللوح المحفوظ.
قال عزوجل : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ) : أي على السرر في الحجال. (يَنْظُرُونَ) (٢٣). قال مجاهد : هي سرر من لؤلؤ وياقوت. (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤) : [يعني بريق النعيم ونداه. وقيل : حسنه وبريقه وتلألؤه] (٢) (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ) [يعني الشراب] (٣) ، وهي الخمر ، قال عزوجل : (مَخْتُومٍ) (٢٥) : يعني الشراب (خِتامُهُ مِسْكٌ) : أي عاقبته مسك ، في تفسير بعضهم. وقال مجاهد : ختم به آخر جرعة ، وهو واحد (٤).
قال : (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) (٢٦) : أي في الدنيا بالأعمال الصالحة.
قال عزوجل : (وَمِزاجُهُ) : أي ومزاج ذلك الشراب (مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (٢٨) : قال بعضهم : يشرب بها المقرّبون صرفا ، وتمزج لسائر أهل الجنّة.
__________________
ـ باب فضائل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم (رقم ٩٦) كلاهما يرويه من حديث أبي سعيد الخدريّ. وأمّا قوله : «وأنعما» فقيل معناه : «وزادا على ذلك». وقيل : معناه : «أهل ذاك هما». وقيل : معناه : «صارا إلى النعيم».
(١) رواه المنذريّ في الترغيب والترهيب ، ج ١ ص ٤٠٥ في كتاب النوافل ، باب الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء عن مكحول يبلغ به النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وقال المنذريّ : «ذكره رزين ولم أره في الأصول».
(٢) زيادة للإيضاح ؛ والعبارة الأولى للفرّاء ، والثانية للطبريّ.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٨. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٨٩ : «الرحيق : الذي ليس فيه غشّ ، رحيق معرق من مسك أو خمر». وقال الجوهريّ في الصحاح : «الرحيق صفوة الخمر». وفي اللسان : «الرحيق من أسماء الخمر ، وقال ابن سيده : وهو من أعتقها وأفضلها».
(٤) قال ابن أبي زمنين : «يعني أنّهم إذا شربوا هذا الرحيق ففني ما في الكأس وانقطع الشرب انختم ذلك بطعم المسك ورائحته».