النجوم حفظا للسماء من الشياطين ، أي : لا يسمعون الوحي. وذلك منذ بعث محمّد صلىاللهعليهوسلم. قال : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١٢).
ذكروا عن أبي رجاء العطارديّ قال : كنّا قبل أن يبعث محمّد ما نرى نجما يرمى به. فبينما نحن ذات ليلة إذا النجوم قد رمي بها. فقلنا : ما هذا؟ إن هذا إلّا أمر حدث. فجاءنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قد بعث. وأنزل الله هذه الآية في سورة الجنّ : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٩) [الجن : ٩].
قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا) : أي المشركون (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) (١٣) : والصاعقة العذاب ؛ جاءتهم بفزع فماتوا. ذكروا عن عطاء بن السايب أنّه قال : سمعت أبا عبد الرحمن السلميّ وإبراهيم يقرآن هذا الحرف : (أنذرتكم صاعقة عاد وثمود) يعني فزعة مثل فزعة عاد وثمود. (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) : يحذّرونهم وقائع الله في الكفّار حين كذّبوا رسلهم. ويعني ب (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) قوم نوح ومن أهلك بعدهم ، وب (مِنْ خَلْفِهِمْ) عذاب الآخرة ، أي أنذروهم عذاب الدنيا وعذاب الآخرة (١).
(قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) : كقولهم للنبيّ عليهالسلام : (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) (٥٣) [الزخرف : ٥٣] أي : فيخبرون أنّه رسول الله. ومثل قولهم : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٧) [الحجر : ٧] أي : فتخبرنا أنّك رسول الله ؛ أي : يقوله كلّ قوم لرسولهم. (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (١٤).
قال الله : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) : يعني كفرهم وتكذيبهم رسلهم. (وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) : عجبوا من شدّتهم وقوّتهم.
قال الله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (١٥).
__________________
(١) هذا وجه من وجوه تأويل الآية. وقال الفرّاء : «أتت الرسل آباءهم ، ومن كان قبلهم ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) يقول : وجاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل ، فتكون الهاء والميم في (خَلْفِهِمْ) للرسل ، وتكون لهم ، تجعل من خلفهم لما معهم».