قال : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) : قال الحسن : الصرصر : شديدة البرد ، [وهي الدبور] (١). ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور(٢).
قال : (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) : أي مشئومات ، وهي الثمانية الأيّام التي في الحاقّة. قال الله : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحاقّة : ٧] أي : تباعا ، ليس فيهنّ تفتّر ؛ كان أوّلها يوم الأربعاء إلى الأربعاء الأخرى.
قال : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) من عذاب الدنيا. (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (١٦).
قال : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) : أي : فبصّرناهم ، وهو في تفسير العامة بيّنّا لهم سبيل الهدى وسبيل الضلالة (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) : أي الضلالة (عَلَى الْهُدى) : أي اختاروا الضلالة على الهدى (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) : أي من الهوان (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٧) : أي بما كانوا يعملون.
قال : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (١٨) : وكذلك قضى الله أنّه إذا أهلك قوما أنجى رسولهم والمؤمنين معه ؛ كقوله : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) أي : عذابنا (نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) [هود : ٥٨] ، وقوله : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) [هود : ٦٦] ، وقوله : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) [هود : ٩٤].
قوله : (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٩) : قال بعضهم : وزعه إيّاهم أن يردّ أوّلهم على آخرهم (٣).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٠٧. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٣ : «باردة تحرق كما تحرق النار». وقال أبو عبيدة : «الشديدة الصوت العاصف».
(٢) انظر الإشارة إليه فيما سلف ، ج ٣ ، تفسير الآية ٩ من سورة الأحزاب.
(٣) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٥ : «هي من وزعت ، ومعنى وزعته : حبسته وكففته ، وجاء في التفسير : يحبس أوّلهم على آخرهم حتّى يدخلوا النار. قال : وسمعت بعض العرب يقول : لأبعثنّ عليكم من يزعكم ويحكمكم ، من الحكمة التي للدابّة ...».