وقاموا وقالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ).
(ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : تفسير الكلبيّ : النصرانيّة (١). وقال الحسن : يقولون ما كان عندنا من هذا من علم ، إنّ هذا لشيء خرج في زماننا هذا ، يعنون بالملّة الآخرة : في آخر زماننا. وقال مجاهد : (الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) [ملّة] (٢) قريش. (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) (٧) : أي كذب اختلقه محمّد. (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) : يعنون القرآن ، وهو على الاستفهام ، (مِنْ بَيْنِنا) : أي لم ينزل عليه ، إنّما هو اختلاق اختلقه محمّد فافتعله.
قال الله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) : أي من القرآن الذي جئتهم به. (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) (٨) : أي لم يأتهم عذابي بعد. كقوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) من الشرك (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) [الكهف : ٥٥] أي بالعذاب. وقد أخّر عذاب كفّار آخر هذه الأمّة الدائنين بدين أبي جهل وأصحابه إلى النفخة الأولى ، بها يكون هلاكهم. وقد أهلك أوائلهم أبا جهل وأصحابه بالسيف يوم بدر.
قال : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) (٩) : أي فيعطوا النبوّة من شاءوا ويمنعوها من شاءوا ، أي : ليس ذلك عندهم.
قال : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) : على الاستفهام ، أي : ليس لهم من ملكها وما بينهما شيء. قال : (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) (١٠) : أي : في طريق السماء ، في تفسير مجاهد ، وبعضهم يقول : في أبواب السماء إن كانوا يقدرون على ذلك ، أي : لا يقدرون على ذلك (٣).
__________________
ـ الدلائل ، وانظر : الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ٢٩٥ ، والواحدي ، أسباب النزول ، ص ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
(١) وهو قول نسب أيضا إلى قتادة ومجاهد كما في الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ٢٩٩.
(٢) زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٥٤٧.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٧٧ ـ ١٧٨ : (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) تقول العرب للرجل الفاضل في الدين : قد ارتقى فلان في الأسباب ؛ والسبب الحبل أيضا ، والسبب أيضا ما تسبّبت له من رحم أو يد أو دين. وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «كلّ سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلّا سببي ونسبي». والمسلم إذا تقرّب إلى رجل ليس بينهما نسب قال : إنّ الإسلام أقوى سبب وأقرب نسب».