أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي : إلّا أن تراعوا ما بيني وبينكم من القرابة [فتصدّقوني] (١). وقال الحسن : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي : إلّا أن يتقرّبوا إلى الله بالعمل الصالح ، وهو كقوله : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٥٧) [الفرقان : ٥٧] أي : بطاعته.
قوله : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ) : أي ومن يعمل (حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) : أي تضعيف الحسنات (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) : أي للذنوب (شَكُورٌ) (٢٣) : أي للعمل.
قوله : (أَمْ يَقُولُونَ) : يعني المشركين (افْتَرى) : أي محمّد (عَلَى اللهِ كَذِباً) بما جاء ، أي : قد قالوه (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) فيذهب عنك النبوّة التي أعطاكها ، وهذا موضع القدرة ، ولا تنزع منه النبوّة ، كقوله : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ) [الزمر : ٤].
قوله : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) : قال الحسن : فلا يجعل لأهله في عاقبته خيرا ولا ثوابا (٢) ، يعني ما عليه المشركون. (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) : فينصر النبيّ والمؤمنين. قال : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٤) : أي بما في الصدور.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) : أي إذا تابوا (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٢٥) : فمن قرأها بالتاء فهو يقول للنبيّ عليهالسلام : ويعلم ما تفعلون ، ومن قرأها بالياء فهو يقول للناس : ويعلم ما يفعلون.
ذكروا عن بعضهم قال : التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) [البقرة : ٢٢٢]. فإذا أحبّ الله عبدا لم يضرّه ذنبه.
__________________
ـ المودّة في قرابتي بكم. وقال ابن عبّاس : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) في قرابتي من قريش». وقد روى الواحديّ في أسباب النزول ، ص ٣٩٥ هذا الخبر بتفصيل أكثر عن ابن عبّاس.
(١) زيادة من تفسير القرطبيّ ، ج ١٦ ص ٢١ ، حيث ورد القول منسوبا إلى ابن عبّاس وعكرمة ومجاهد.
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٣ : «وقوله : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) ليس بمردود على (يَخْتِمْ) فيكون مجزوما ، هو مستأنف في موضع رفع ، وإن لم تكن فيه واو في الكتاب. ومثله ممّا حذفت فيه الواو وهو في موضع رفع قوله : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) [الإسراء : ١١] ، وقوله : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) [العلق : ١٨].