ذكروا أنّ عبد الله بن مسعود قال : [قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم] (١) إنّ الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم معايشكم ، وإنّ الله يعطي الدنيا لمن يحبّ ولمن لا يحبّ ، ولا يعطي الإيمان إلّا من يحبّ ، فإذا أحبّه أعطاه الإيمان. فمن اشتدّ عليه الليل أن يكابده ، وجبن عن العدوّ أن يجاهده ، وضنّ بالمال أن ينفقه فليكثر من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر.
قوله : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) : على الاستفهام ، أي : نعم ، لهم شركاء ، يعني الشياطين ، جعلوهم شركاء لله ، فعبدوهم ، لأنّهم دعوهم إلى عبادة الأوثان. قال الله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) أي : إلّا أمواتا ليس فيهم روح ، (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) [النساء : ١١٧].
قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) : أي ألّا يعذّب بعذاب الآخرة في الدنيا.
(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) في الدنيا ، فأدخل المؤمنين الجنّة ، وأدخل المشركين النار. قال : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢١) : أي موجع.
قوله : (تَرَى الظَّالِمِينَ) : أي المشركين (مُشْفِقِينَ) : أي خائفين (مِمَّا كَسَبُوا) : أي ممّا عملوا في الدنيا إذ أخرجته كتبهم (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) : أي الذي خافوا منه من عذاب الله. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : أي في الجنّة (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٢٢). قال : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : يبشّرهم في الدنيا بروضات الجنّات ، لهم ما يشاءون فيها ، أي : في الجنّة.
قوله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). ذكروا عن عكرمة قال : كان النبيّ عليهالسلام واسطا في قريش ؛ ليس من بطون قريش بطن إلّا وقد ولده (٢) ؛ فقال : (قُلْ لا
__________________
(١) ورد هذا الحديث موقوفا في ق وع ، والصواب رفعه ، فقد رواه أحمد في المسند ، وروى الحاكم بعضه بمعناه وصحّحه ، وانظر : البغوي ، شرح السنّة ، ج ٨ ص ١٠.
(٢) أورد الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٢ سببا لنزول الآية فقال : «ذكر أنّ الأنصار جمعت للنبيّ صلىاللهعليهوسلم نفقة يستعين بها على ما ينوبه في أصحابه ، فأتوا بها النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : إنّ الله عزوجل قد هدانا بك ، وأنت ابن أختنا ، فاستعن بهذه النفقة على ما ينوبك ، فلم يقبلها ، وأنزل الله في ذلك : قل لهم : لا أسألكم على الرسالة أجرا إلّا ـ