خلق (١) فيهما ، أي : في السماوات والأرض (٢). وتفسير مجاهد : أي : من الملائكة والناس. قال : (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٢٩) : يعني أنّه يجمعهم يوم القيامة.
قوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) : أي فبما عملتم (٣). (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٠) : وهو مثل قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) [الحديد : ٢٢] أي : من قبل أن نخلق تلك المصيبة. في تفسير الحسن : إنّ الله كتب عنده كتابا : إنّ ذنب كذا عقوبته كذا ، فيعفو الله عن أكثر ذلك ، ويعاقب من ذلك ما يشاء.
ذكروا عن عليّ بن أبي طالب قال : سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثا حقّ على المسلمين أن يعوه ، سمعته يقول : ما عاقب الله عليه في الدنيا ثمّ عفا عن صاحبه بعد التوبة فالله أحلم من أن يثنّي عقوبته في الآخرة ، وما عفا عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يرجع في عفوه (٤).
ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه رأى بوجه رجل خدشا فقال : ما هذا؟ قال : يا رسول الله ، كنت في طريق ، فرأيت امرأة فجعلت أنظر إليها حتّى صدمت بوجهي الحائط ولم أشعر. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن أراد الله بعبد خيرا عجّل عقوبة ذنبه في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبد شرّا أمسك عليه بذنبه حتّى يوافيه يوم القيامة (٥).
__________________
(١) كذا في ق وع : «وما خلق» ، ويبدو أنّ صوابه : «وما فرّق» ، وبهذا اللفظ ورد في تفسير الطبريّ ، ج ٢٥ ص ٣١.
(٢) هذا وجه من التأويل صحيح ، يؤيّده قول مجاهد. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٤ : «أراد : وما بثّ في الأرض دون السماء ، بذلك جاء في التفسير ؛ ومثله ممّا ثنّى ومعناه واحد قوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] وإنّما يخرج من الملح دون العذب».
(٣) كذا في ع وق : «فبما عملتم» ، وفي ز : «فبما عملت أيديكم».
(٤) حديث صحيح أخرجه ابن أبي حاتم مرفوعا وموقوفا ، ورواه أحمد والترمذيّ والحاكم عن عليّ بن أبي طالب بلفظ أطول ممّا هو هنا.
(٥) حديث صحيح ، أخرجه أحمد والترمذيّ والحاكم عن عبد الله بن مغفل الأنصاريّ. وأخرجه الترمذيّ والحاكم أيضا عن أنس بن مالك ، وانظر ابن حمزة الحسيني الدمشقي ، البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث ، ج ١ ص ١٢٣ ـ ١٢٤.