بكفرهم وتكذيبهم ، يعيبهم بذلك. (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٢) : أي موجع (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٤٣). وهذا كله منسوخ فيما بينهم وبين المشركين ، نسخه القتال وصار العفو فيما بين المؤمنين. أمرنا بالعفو فقال : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) [آل عمران : ١٣٤] وقال : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) [النور : ٢٢].
ذكروا عن أبي الأحوص عن أبيه قال : قلت يا رسول الله ، إنّ لي جارا يسيء مجاورتي ، أفأفعل به كما يفعل بي؟ قال : لا ، إنّ اليد العليا خير من اليد السفلى (١).
قوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) : أي : من بعد الله ، أي : من وليّ يمنعه من عذاب الله. قوله : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ) : أي المشركين (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ) : أي إلى الدنيا (مِنْ سَبِيلٍ) (٤٤) : أي فنؤمن. تفسير الحسن : أنّهم يقولون ذلك وهم في النار.
قال : (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) : أي على النار (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ) : أي أذلّاء (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) : أي يسارقون النظر. قوله : (وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : خسروا أنفسهم أن يغنموها فصاروا في النار ، وخسروا أهليهم ، أي : من الحور العين. وقد فسّرناه في سورة الزمر (٢).
قال : (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) (٤٥) : أي دائم لا ينقطع. قال : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ) : أي يمنعونهم (مِنْ دُونِ اللهِ) : أي من عذابه.
قال : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) (٤٦) : أي إلى الهدى.
قوله : (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ) : أي آمنوا بربّكم (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) : يعني يوم القيامة ، أي لا يردّه أحد من بعد ما حكم الله به (٣) وجعله أجلا ووقتا. (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) : أي تلجأون إليه ؛ يقوله للمشركين ، أي : يمنعكم من عذاب الله (وَما
__________________
(١) انظر ما سلف في هذا الجزء ، تفسير الآية ٣٤ من سورة فصّلت ، (التعليق).
(٢) انظر ما سلف في هذا الجزء ، تفسير الآية ١٥ من سورة الزمر.
(٣) هذا هو الصواب كما جاء في ز ، وفي ق وع : «من بعد ما جاءكم الله به» ، وفيه تصحيف.