ذلك في سورة النساء (١). قال : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (٣٧).
كان هذا بمكّة قبل الهجرة يغفرون للمشركين ، كقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] ، وهو منسوخ ، نسخه القتال ، فصار ذلك العفو فيما بين المؤمنين.
قوله : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) : أي آمنوا (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : كانت الصلاة يوم نزلت هذه الآية ركعتين غدوة وركعتين عشيّة قبل أن تفرض الصلوات الخمس.
قوله : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) : تفسير الحسن : يتشاورون في كتاب الله. وقال بعضهم : (وَأَمْرُهُمْ) يعني التوحيد (٢) ، (شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣٨) : أي الزكاة ، ولم تكن يومئذ شيئا موقّتا.
قوله : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ) : أي بغى عليهم المشركون ، أي : ظلموهم (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) (٣٩) : أي بألسنتهم ؛ أي إنّهم لم يكونوا أمروا بالقتال يومئذ. وقال بعضهم : كانوا يكرهون أن يذلّوا أنفسهم.
قال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) : أي ما يسيء إليهم المشركون ، أن يفعلوا بهم كما يفعلون بهم (٣). قال : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ) : أي فمن ترك مظلمته ، (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) : أي فثوابه على الله. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٤٠) : أي المشركين. قال : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) : أي من بعد ما ظلم (فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) (٤١) : تفسير الحسن : ما عليهم من حجّة.
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) : أي
__________________
(١) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٣١ من سورة النساء.
(٢) كذا في ق وع : «يعني التوحيد» ، ولم أر لهذا التأويل معنى ولا وجها ، ولم أجد من بين المفسّرين من فسّر الأمر هنا بالتوحيد ، فالشورى إنّما تكون بين المسلمين في الأمور العامّة من شئون المسلمين كالحروب والخلافة ، مثل موقف عمر حين حضرته الوفاة فجعل الأمر بعده شورى في نفر من الصحابة. وهذه الآية أصل من أصول ما يسمّى الآن بالتشريع الدستوري في الإسلام.
(٣) في ق : «أن يفعلوا بهم مثل ذلك» ، وأثبتّ ما جاء في ز ، ورقة ٣١٢ فهو أوضح تعبيرا.