ويشهد لذلك أيضاً أنّ محمّد بن موسى الهمداني ـ وهو الذي ادُّعي عليه وضع هذه الاُصول ـ لم يتّضح ضعفه بعد ، فضلاً عن كونه وضّاعاً للحديث ، فإنّه من رجال نوادر الحكمة ، والرواية عنه في كتب الأحاديث متكرّرة ، ومن جملة رواياته : حديثه الذي انفرد بنقله في صلاة عيد الغدير ، وهو حديث مشهور ، أشار إليه المفيد رحمهالله في « المقنعة » ، وفي « مسار الشيعة » (١) ، ورواه الشيخ رحمهالله في التهذيب (٢) ، وأفتى به الأصحاب ، وعوّلوا عليه ، ولا رادّ له سوى الصدوق (٣) وابن الوليد ، بناء على أصلهما فيه .
والنجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه ولم يضعّفه ، بل نسب إلى القميّين تضعيفه بالغلوّ ، ثمّ ذكر له كتباً منها كتاب الرّد على الغلاة ، وذكر طريقه إلى تلك الكتب ، قال رحمهالله : وكان ابن الوليد رحمهالله يقول : إنّه كان يضع الحديث ، والله أعلم (٤) .
وابن الغضائري وإن ضعّفه ، إلّا أنّ كلامه فيه يقتضي أنّه لم يكن بتلك المثابة من الضعف ، فإنّه قال فيه : إنّه ضعيف ، يروي عن الضعفاء ، ويجوز أن يخرج شاهداً ، تكلّم فيه القمّيّون فيه بالرد فأكثروا ، واستثنوا من نوادر الحكمة ما رواه (٥) ، وكلامه ظاهر في أنّه لم يذهب فيه مذهب القمّيّين ، ولم يرتضِ ما قالوه ، والخطب في تضعيفه هيّن ، خصوصاً إذا استهانه .
وقد فصّل سيدنا بحر العلوم الكلام عن أصل زيد النرسي في رجاله بحيث كفى
__________________
(١) المقنعة : ٢٠٤ ، مسار الشيعة : ٣٩ ضمن المجلد السابع من مصنّفات الشيخ المفيد .
(٢) التهذيب ٣ : ١٤٣ / باب صلاة الغدير / ح ٣١٧ .
(٣) الفقيه ٢ : ٩٠ / ذيل الحديث ١٨١٧ .
(٤) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٣٤٨ / ت ٩٠٤ ، الفوائد الرجالية ٢ : ٣٧٦ / ترجمة زيد النرسي .
(٥) حكاها عنه العلّامة في الخلاصة : ٤٠١ / ت ٤٤ .