وسننه في العبادات متبوعة أيضاً ، فمنها ما يكره تركها ، ومنها ما يكون التارك مسيئاً ، ومنها ما يكون المتّبع لها محسناً ولا يكون التارك لها مسيئاً إلى اخر كلام السرخسي (١) .
والآن لنقف هنيئة عند رواية مدرسة آل البيت عليهمالسلام الآنفة عن علي ، لنرى مدى دلالتها ، وهل تحتاج إلى تعليق أم لا ؟ إذ المعلوم بأنّ السنّة التي جاءت عن النبي هي على شاكلتين :
إحداهما : سنة في فريضة ، وهي واجبةُ الإتيانِ بها ، مثل السبع ركعات التي أضافها النبي إلى العشر المأمور بها سابقاً في صلاة الفريضة من قبل ربّ العالمين والمصرّح بكون هذه الزيادة سنة ، كما في رواية زرارة .
والثانية : سنّة مستحبّة ، تركها إلى غيرها غير خطيئة ـ كما جاء في رواية المحاسن ـ وهي مثل اختلاف صيغ أذكار النبيّ في الصلوات وما شابهها ، فإنّ تركَ إحداها إلى الأُخرى ليس فيه خطيئة .
ومن هذا الباب لا يجوز إبدال « الله أكبر » بـ « سبحان الله » أو « الله أعظم » لانها بدعة لا خلاف فيه ، لأنّ « الله اكبر » هو ممّا اتّفق الجميع على جزئيته وكونه من الأذان ، فهو فصل لا يمكن تبديله والتغيير فيه ، فهو كالواجب فيه وإن كان الأمر تعلّق بما هو مستحبّ كالأذان ، لأنّ الذي يريد أن يقولها فهو قد اتّبع إجماع الأمّة على جزئيّتها ، وبذلك يكون الأخذ بها هدى وتركها ضلالة .
أمّا اعتبار تربيع التكبير في الإقامة أو تثنيته كما ورد في روايات الصدوق والشيخ الطوسي رحمهما الله وغيرهما ، ومثله في غيرها من الأحكام التخييرية ، فإنّ الإتيان بكلّ واحدة منها جائز ، لورود النصوص في كل واحدة منهما ، وإنّ العمل باحدى
__________________
(١) اصول السرخسي ١ : ١١٤ ، وانظر المبسوط له ١ : ١٣٣ .