فركوب الطائرة مثلاً مباح بالإجماع لأصالة البراءة وليس ببدعة ، وقد يكون مسـتحبّاً لتسريع المقصد وحفظ الوقت .
ومن هذا القبيل مسألة الشهادة الثالثة فعدم وجود نص على تشريعها لا يعني بدعيّتها بكلّ تقدير حتى بتقدير الإباحة والمحبوبية المطلقة ، وخصوصاً مع معرفتنا بالظروف السياسية التي حكمت الشيعة في العصور الاولى وسيأتي في الفصل الاول أن هناك نصوصاً في فصول الأذان قد حكاها الشيخ بهذا الشان (١) .
الثانية : إنّ المطالع سيقف بعد قليل على أنّ الشهادة بالولاية في معناها العام الشامل ـ وأنّها شرط الإيمان ـ كانت على عهد رسول الله ، وأن النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة من ولده ، كالباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ، والهادي عليهمالسلام قد أكدوا على هذه الحقيقة تصريحاً وتلويحاً وايماءً واشارةً ، وهذا يؤكّد على محبوبيّة الشهادة بالولاية مطلقاً في كل حال . واقصى ما يمكن قوله في عدم ذكر الأئمة لها هو عدم جزئيتها لا عدم محبوبيتها .
الثالثة : صرّح الشيخ الطوسي ، والشهيد ، والعلّامة ، ونقلاً عنهم المجلسي ، وصاحب الجواهر ، وغيرهم بوجود أخبار دالة على الشهادة الثالثة ، فقال المجلسي : لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة في الأذان ؛ لشهادة الشيخ ، والعلّامة ، والشهيد ، وغيرهم بورود الأخبار بها (٢) .
وقال صاحب الجواهر : لا بأس بذكر الشهادة بالولاية ، لا على سبيل الجزئية ، عملاً بالخبر المزبور (٣) .
ووجود هذه الاخبار تخرج موضوع الشهادة الثالثة من البدعية .
__________________
(١) انظر صفحة ٣٠٧ من هذا الكتاب .
(٢) بحار الأنوار ٨١ : ١١١ .
(٣) جواهر الكلام ٩ : ٨٧ وهو خبر القاسم بن معاوية المروي عن احتجاج الطبرسي عن الإمام الصادق عليهالسلام : إذا قال احدكم لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فليقل : علي أمير المؤمنين . انظر احتجاج الطبرسي ١ : ٢٣١ .