ضرورة شرعية لأن يشرب الماء واقفاً في رحبة مسجد الكوفة (١) ؛ دفعاً لتوهم كثير من المسلمين حرمة الشرب واقفاً ، وكذلك من هذا القبيل ما ورد عن بعض المعصومين عليهمالسلام أنّه شرب الماء أثناء الطعام مع أنّه منهي (٢) عنه ؛ دفعاً لتوهم حرمة شرب الماء أثناء الطعام ، ومن هذا القبيل أيضاً ترك النبي صلىاللهعليهوآله لنوافل بعض أيام شهر رمضان (٣) خوفاً على الأمة من الوقوع فيما هو عسير .
وكذا الحال بالنسبة إلى ترك المستحبّ ، فقد يكون حراماً في بعض الحالات ، فمثلاً الكلّ يعلم بأن بناء المساجد ليس واجباً ، وكذا الصلاة فيها ، أمّا تخريبها وعدم الصلاة فيها فهي محرمة يقينا لقوله تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ) (٤) ، ومثلها البناء على المشاهد المشرِّفة فهي ليست بواجبة أما تهديم القبور فهي حرام قطعاً ، لأن في ذلك توهيناً واضعافاً للعقيدة والمذهب ، وهكذا الحال بالنسبة للأمور المستحبّة الأُخرى ، والتي يسعى الخصم لمحوها ، فينبغي الحفاظ عليها ، وقد أكّد الفقهاء على لزوم المحافظة على الأُمور المباحة ، التي حُرِّمت من قبل الآخرين ، كلّ ذلك إصراراً وثباتاً على الحكم الإلهي .
فلو كان هذا في الأمر المباح ، فكيف بالأمر المحبوب في نفسه الذي أكّد عليه الشرع وجاءت به الأدلّة الكثيرة التي ستقف عليها لاحقاً .
__________________
(١) انظر سنن النسائي ( المجتبى ) ١ : ٦٩ / باب عدد غسل اليدين / ح ٩٥ ، مصنف عبد الرزاق ١ : ٣٨ ـ ٤٠ / ح ١٢٢ / ح ١٢٣ . وانظر الكافي ٦ : ٣٨٢ / باب شرب الماء من قيام .
(٢) الكافي ٦ : ٣٨٢ / باب آخر في فضل الماء من كتاب الاشربة / ح ٤ ، وعنه في وسائل الشيعة ٢٥ : ٢٣٦ / ح ٣١٧٨١ .
(٣) صحيح البخاري ١ : ٣١٣ / ب ٧ / ح ٨٨٢ ، و ٢ : ٧٠٧ / ح ١٩٠٨ صحيح مسلم ١ : ٥٢٤ / باب الترغيب في قيام شهر رمضان / ح ٧٦١ ، سنن أبي داود ٢ : ٤٩ / ح ١٣٧٣ .
(٤) البقرة : ١١٤ .