الأمر لم يكن اعتباطاً ، بل جاء لوجود رابطة وعلاقة متينة بين كلّ الأُمور المنهيّ عنها متأخراً والمعمول بها عند الرعيل الأول ، ولأجل هذا نرى ارتباطاً تاريخيّاً وثيقاً بين القول بامامة عليّ والقول بشرعيّة الحيعلة الثالثة ، وبين رفض الولاية والإمامة لعليّ والقول برفع « حي على خير العمل » .
قال ابن أبي عبيد : إنّما أسقط « حي على خير العمل » مَنْ نهى عن المتعتين ، وعن بيع أمّهات الأولاد ، خشيةَ أن يتّكل الناس بزعمه على الصلاة ويَدَعُوا الجهاد ، قال : وقد رُوي أنّه نهى عن ذلك كلّه في مقام واحد (١) .
وثبت أيضاً أنّ رسـول الله أذّن ، وكان يقول : « أشهد أنِّي رسول الله » ، وتارة يقول : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » ، وأنكر العامّة أذانه صلىاللهعليهوآله (٢) .
نعم ان النهج الحاكم طرح مفاهيم وتبنى افكاراً تصب فيما يهدفون إليه ، منها تشكيكهم في أذان الرسول ؛ لعدم ارتضاء الشيخين التأذين بها في خلافتهما ، فأرادوا القول بعدم أذان رسول الله ، لكي يعذروا الشيخين ولكي يقولوا بأنّهم اقتدوا برسول الله في عدم أذانه ! !
__________________
(١) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ٢ : ١٩٢ ، وشرح الأزهار ١ : ٢٢٣ . وانظر شرح العضدي على المختصر الأصولي لابن الحاجب بحاشية السعد التفتازاني ٢ : ٤١ ـ ٤٢ .
(٢) الكلام السابق وما بعده نقلناه عن ذكرى الشيعة ٣ : ٢١٥ للشهيد الأوّل رحمهالله ، والرواية موجودة في « من لا يحضره الفقيه » ١ : ٢٩٧ / ذيل الحديث ٩٠٥ ، ووسائل الشيعة ٥ : ٤١٨ / ح ٦٩٧٤ عن الفقيه ، وانظر حاشية الجمل على شرح المنهاج ١ : ٣٨٧ .