ومما يحتمل أن يقال جمعاً واستنتاجاً لاخبار الاسراء والمعراج في الأذان هو إن غالب روايات ذكر اسم علي بعد اسم النبي كانت عند سدرة المنتهى وفي السماء السابعة ، ولم ترد رواية بذلك في السماوات التي دون الرابعة ، وإذا ثبت أن الأذان قد شرّع في السماء الثانية أو الثالثة (١) ، فإن معنى ذلك ان الشهادة الاقتضائية لعلي بالولاية ذكرت في السماء الثانية أو الثالثة ثم ابلغت الملائكة بذلك ، ولذلك شهدت الملائكة بالشهادة الثالثة عند السماء السابعة ، وفي هذا ما يمكن أن يستند عليه القائل بالجزئية ، في حين إنا نستفيد منها على أنّها محبوبة للشارع لا غير .
وكذا أن رواية القاسم بن معاوية الآنفة هي من الأدلّة التي استدلّ بها بعض فقهاء الإمامية على جواز ذكر الشهادة الثالثة في الأذان وفي غيره . لكن لا ينبغي أن تفرد هذه الرواية بالاستدلال عندهم ، لأنّ مجموع تلك الروايات تثبت التقارن بين علي والنبي في الذكر مطلقاً ، وعلى هذا الأساس أفتى بعض الفقهاء بالاستحباب الشرعيّ فضلاً عن الجواز والإباحة ؛ من دون اعتقاد الجزئية ، والشهادة الثالثة تكون حينئذ ذكراً محبوباً في الأذان وفي غيره يراد منه التيمّن والتبرّك ويؤتى بها بقصد القربة المطلقة ؛ إذ عمومات وإطلاقات الاقتران تتناول الأذان وغيره ، خصوصاً إذا جمع مع حسنة ابن أبي عمير عن الكاظم الاتية بعد قليل والداعية إلى الحث على الولاية في الأذان .
وعليه فإن ما جاء في تفسير فرات يوضّح الارتباط الوثيق بين الشهادات الثلاث ، لأنّ الفاء في « فسمعتُ » إن أُخذت على أنّها تفسيرية كان النداء الذي سمعه رسول الله من جملته الشهادة بالولاية ، وهذا يكون نصّاً على وجود الشهادة
__________________
(١) انظر رواية عمر بن اذينه عن الصادق في الكافي ٣ : ٤٨٢ ـ ٤٨٦ / ١ وعلل الشرائع ٢ : ٣١٢ / باب علل الوضوء والأذان والصلاة / ح ١ ، وعنه في بحار الأنوار ١٨ : ٣٥٤ / ح ٦٦ و ٧٩ : ٢٣٧ / ح ١ .