تركوا قراءة ابن مسعود ذلك الغلام المُعَلّم (١) حسب تعبير الرسول والذي أمر صلىاللهعليهوآله بالقراءة وفق مصحفه بقوله : ( اقرؤوا بقراءة ابن أُمّ عبد ) (٢) ، وأيضاً لم يأخذوا بقراءة عبد الله بن عباس وهو حبر الأمة في كثير من الآيات ، بل لم يكتفوا بذلك حتى نسبوا إليه الإسرائيليات في التفسير ، ولم يكن ذلك إلّا اتّباعاً للسياسة المسنونة المشؤومة .
إنّها سياسة الحكّام وبني أميّة وقريش في ردّ ما هو مرتبط بأهل البيت وذويهم ، والاستنان بسنّة الخلفاء ، وقد أكّدت الصدّيقة فاطمة الزهراء على هذه الحقيقة في خطاب وجّهته إلى نساء المهاجرين والأنصار ، قالت فيه : « ويعرف التالون غب ما أسّس الأوّلون . . . » (٣) .
اذن قضية الأذان لا تختلف عن القرآن ، فالخُلّص من الصحابة كانوا يفتحون بعض جمله كالحيعلة الثالثة ، لكونهم قد عرفوا معناها ، أو لدفع تهمة الغلوّ عنهم ، أو لرفع شأن ومنزلة الإمام علي عند المنكرين لها ، وهذا هو الذي دعا عمر للوقوف ضدّه ، ورفع الحيعلة الثالثة من الأذان .
والأفصح من ذلك ما جاء في كتاب الفضائل لابن شاذان بإسناده إلى المقداد بن الأسود الكندي ، قال : كنّا مع سيّدنا رسول الله وهو متعلّق بأستار الكعبة وهو يقول : اللَّهم أعضدني واشدد أَزْري ، واشرح صدري ، وارفع ذكري ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام وقال : اقرأ يا محمّد .
قال : وما أقرأ ؟
__________________
(١) المعجم الكبير ٩ : ٧٩ / ح ٨٤٥٧ ، تاريخ دمشق ٣٣ : ٧٠ ، ٧٢ ، سير اعلام النبلاء ١ : ٤٦٥ ، النَّهاية في غريب الاثر ، للجزري ٣ : ٢٩٢ : غُليم معلَّم ، أي ملهم للصواب والخير .
(٢) سنن ابن ماجه ١ : ٤٩ / ح ١٣٨ ، مسند أحمد ١ : ٧ / ح ٣٥ .
(٣) معاني الأخبار : ٣٥٥ ، بلاغات النساء : ٢٠ ، أمالي الطوسي : ٣٧٦ .