لا يصلح لك ، له طالب غيرك (١) ، ثمّ عَلَّلَ سرّ وجود مثل هذه الكتب والأجزاء مصحّحة عنده بأنّه ينبغي للعالم أن يكون عنده ، كلّ شيء ، فإنّ لكلّ نوع طالباً .
كلّ ذلك لأنّ الفقه الحاكم آنذاك كان فقه أبي حنيفة وأن السمعاني كان منهم ، وعمر بن إبراهيم وغيره من الطالبيين كانوا يخافون بطش السلطان .
ومثله كلام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن المار ذكره في الدراسة السابقة عن ( حيَّ على خير العمل ) وأنّه كان يأمر اصحابه إذا كانوا بالبادية أن يزيدوا في الأذان « حيَّ على خير العمل » (٢) .
ولمّا سئل أحمد بن عيسى عن التأذين بحيّ على خير العمل ، قال : نعم ، ولكن أخفيها (٣) .
فلو كانت التقية تجري مع إظهار « حي على خير العمل » الحاملة لمعنى الولاية كناية ، فكيف باظهار الشهادة الثالثة علناً وجهاراً ؟ !
بل كيف يعقل أن يأمر الله ورسوله بالشهادة الثالثة في الأذان ، وهما يعلمان بانقلاب الأمّة بعد رسول الله ؟ !
إنّ الإمام عليّاً وشيعته قد اضطهدوا في جميع العصور ، بدءاً بغصب الخلافة بعد رسول الله ، ومروراً بسبّ الإمام علي من على المنابر في عهد معاوية ، وسم الحسن ، وأن لا صلاة إلّا بلعن أبي تراب (٤) ، وانتهاءً بلا نهائية الظلم والجور .
__________________
(١) معجم الادباء ٤ : ٤٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٣٦ : ٥١٦ ، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٥ : ١٠ .
(٢) الأذان بحي على خير العمل للحافظ العلوي بتحقيق عزان : ١٤٧ / ح ١٨٦ .
(٣) الأذان بحي على خير العمل بتحقيق عزان : ١٥٠ / ح ١٩٠ ، وأخرجه محمّد بن منصور في الأمالي لابن عيسى ١ : ١٩٤ / رقم ٢٣٧ .
(٤) شرح نهج البلاغة ٧ : ١٢٢ ، وانظر تاريخ دمشق ١١ : ٢٩١ ، وكتاب اخبار وحكايات للغساني : ٥٢ ، حيث ذكروا أن في عهد هشام بن عبد الملك كانت مجالس الذكر لبعض الشاميين تختم بلعن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، تقرباً إلى الله !