وبعد زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله رووا بأنّ التثويب الثاني ـ أي قول المؤذن بعد الانتهاء من الأذان : « السلام عليك يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة يرحمك الله » ـ قد شرّع على عهد أبي بكر (١) ، وفي آخر : في عهد عمر بن الخطاب (٢) ، وقال ثالث : في عهد عثمان (٣) ، ورابع : في عهد معاوية (٤) .
ولا نرى خلافاً بيّناً بين هذه النصوص ، وذلك لتبنّي اللّاحق ما جاء به السابق من التثويب الثاني ، وأنّهم كانوا لا يرون ضيراً في مثل هذه الزيادات في الأذان ، فيمكن أن يقال : إنّ معاوية ، أو عثمان ، أو عمر قال به .
أنا لا أُريد أن أُثبت هذا التشريع لهذا أو أنفيه عن ذاك ، المهمّ عندي أنّهم جوّزوا هذا التثويب في العصور السابقة ، فلا يحقّ لأمثال هؤلاء الاعتراض على الآخرين بقولهم بالشهادة الثالثة في الأذان من باب المحبوبية أو رجاء المطلوبية .
ويضاف إلى ذلك ما ذكره التفتازاني والقوشجي وغيرهما من أنّ عمر ابن الخطاب منع من متعة النساء ، ومتعة الحج ، ورفع حي على خير العمل من الأذان (٥) .
وفي موطأ مالك : إنّ المؤذّن ، جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح (٦) .
__________________
(١) انظر تنوير الحوالك ١ : ٧١ ، وفيه : كان المؤذن يقف على بابه فيقول : السلام عليك يا خليفة رسول الله ، الصلاة يا خليفة رسول الله .
(٢) انظر شرح الزرقاني ١ : ٢١٦ ، وفيه : كان المؤذن يقف على بابه ويقول : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ثم أن عمر أمر المؤذن فزاد فيها ( رحمك الله ) . ويقال : إن عثمان هو الذي زادها .
(٣) انظر شرح الزرقاني ١ : ٢١٦ ، وفيه : ويقال إن عثمان هو الذي زادها .
(٤) انظر مواهب الجليل ١ : ٤٣١ ، الذخيرة ٢ : ٤٧ .
(٥) شرح المقاصد في علم الكلام ٢ : ٢٩٤ ، وشرح التجريد / باب بحث الإمامة .
(٦) موطأ مالك ١ : ٧٢ .