أمّا لو كانت هناك روايات أو عمومات يُرادُ الأخذ بها لا على نحو الجزئية فلا يمانعه الشيخ الصدوق .
إذن فالشيخ الصدوق رحمهالله لا يعني هؤلاء يقيناً ، بل اعترض رحمهالله على الأخبار الموضوعة من قبل المفوّضة المفيدة للجزئية ؛ إذ لا يعقل أن يلعن الشيخ قدسسره من اجتهد من الشيعة وأفتى بمحبوبيتها العامة وأنّها ليست بجزء ، من خلال العمومات وشواذ الأخبار والأدلّة الاُخرى الدالّة على ذلك .
وممّا يؤكد ذلك أنّ الشيخ الصدوق لا يعترض على مضمون ما يقوله المفوضة ، وفي الوقت نفسه لا يرضى قولها على نحو الجزئية وأنّها من أصل الأذان لقوله في آخر كلامه :
|
( لا شكّ أنّ عليّاً ولي الله ، وأنّه أمير المؤمنين حقّاً ، وأنّ محمّداً وآله خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان ) . |
نعم ، المطالع في كلمات اللّاحقين يقف على ما هو دالّ على الشهادة الثالثة ـ على نحو القربة المطلقة ، ولمحبوبيّتها الذاتية ، ولرجاء المطلوبيّة ـ من قبل الشيعة ، وهي موجودة في أصول أصحابنا ، بحيث يمكن الاستدلال بها تارة بالدلالة التطابقية ـ وهذا ما فعله الشيخ الطوسي وابن البرّاج رحمهما الله تعالى ومن تبعهما كالمجلسي ـ وأُخرى بالدلالة الالتزامية ، كمرسلة الصدوق في « من لا يحضره الفقيه » ، وفتاوى السيّد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، وابن البراج ، ويحيى بن سعيد الحلي ، والعلّامة الحلي ، ونحن خصصنا هذا القسم لتفسير كلامهم رحمهم الله وبيان الملابسات التي لازمتها ؛ لأنّ اللاحقين كثيراً ما يكتفون بنقل فتاوى هؤلاء الأعلام دون التعريف بملابساتها وظروفها الحقيقية والموضوعية ، وعلى كلّ تقدير فكلمات هؤلاء الأعلام نابعة من روح العقيدة وعليها تدور رحى الاجتهاد .