أن يكون هجومه على المفوّضة جاء لاعتقادهم بالجزئية ، أو أنّه رحمهالله قالها تبعاً لمشايخه القميين ، وقد يكون نص الفقيه قد صدر عنه تقيةً ، وهذا الاحتمال الأخير تؤكّده بعض فقرات النص الآتي .
نحن لا نتردّد في أنّ الصدوق رحمهالله ، هو الفقيه الورع ، ولا يمكنه بحسب قواعد الاستنباط المتّفق عليها بين الأمّة أن يفتي بعدم جواز الإتيان بالشهادة بالولاية ، بقصد القربة المطلقة ، أو لمحبوبيتها الذاتية ، أو التفسيرية .
نعم ، نحن مع شيخنا الصدوق في عدم جواز الإتيان بها على نحو الجزئية الواجبة ، وقد عرفت بأن أغلب الشيعة الزيدية والإسماعيلية والإمامية الاثني عشرية لا يأتون بها على نحو الجزئية .
ولعلّ ترك الزيدية والإسماعيلية في العصور اللّاحقة قول « محمّد وعليّ خير البشر » أو « محمّد وآل محمّد خير البرية » بعد « حيّ على خير العمل » يؤكد على أنّهم لا يقصدون جزئيتها مع الحيعلة الثالثة ، فهم يأتون بها في بعض الأحيان ويتركونها في أحيان أخرى ، وهو المقصود بنحو عام من التفسيرية والمحبوبية الذاتية ، والقربة المطلقة ، والأمور الثلاثة الأخيرة لا تعترضها شبهة التشريع المحرّم والبدعة ، وعلى هذا الأساس نحن لا نشك ولا نتردد في أنّ الشيخ الصدوق قدسسره لم يقصد هذه المعاني ؛ إذ يبعد ذلك منه جدّاً بعد وقوفه على أدلّة الجواز ، لذلك نراه يشدّد النكير فقط على من شرّعها طبقاً لروايات اعتقدها الشيخ موضوعة .
وعليه : فكلامه رحمهالله لا يعني كلّ زيادة ـ بما أنّها زيادة على الموجود ـ لأنّه قد وقف على روايات فيها زيادات على ما رواه الحضرمي وكليب الأسدي ، وبذلك فإنّه رحمهالله يعني بكلامه الزيادات الجديدة الموضوعة التي لم ترد في الأخبار الأذانية من قِبَلِ المعصومين .