بشرط أن لا تكون على نحو الجزئية ، ـ كما كان معمولاً عليه في عهد الأئمة (١) ـ وهذا ما كان يلحظ في عمل أصحابنا ، والذي يدلّ عليه ويؤكّده كلام كُلٍّ من الأئمّة : الكاظم ، والرضا ، والهادي عليهمالسلام .
وهنا يمكن القول بأنّ ذهابنا إلى رجحان الشهادة بالولاية في الأذان ومن دون اعتقاد الجزئية إنّما هو لتلك العمومات وما جاء تلميحاً واشارة لا لما رواه المفوّضة ، فلا تأتي بعد ذلك شبهة العمل بأخبارهم الباطلة لعنهم الله .
الثامنة : إنّ إتيان الشـيخ الصدوق بصيغ الزيدية والإسماعيلية وبعض الإماميّة ـ ضمن هجومه على المفوّضة ـ « المدلسون انفسهم في جملتنا » لا يعني أنّه رحمهالله كان يعتقد بأنّ هؤلاء كانوا يأتون بها استناداً لأخبار المفوّضة الموضوعة ، بل كانوا يتداولونها لما عندهم من العمومات ، يوضّح ذلك أنّه لم يلعن غير المفوّضة .
فالزيدية كانوا يقـولون بها بعد الحيعلة الثالثة ـ قبل ولادة الصدوق ـ بصيغة « محمّد وعلي خير البشر » (٢) ، ولم نجد في كلّ كلمات الصدوق أنّه لعنهم لذلك .
والإسماعيلية كانوا يأتون بها بصـيغة : « محمّد وآل محمّد خير البرية » (٣) ، ولم يلعنهم لذلك أو يذمّهم .
والإمامية رعاية للتـرتيب الملحوظ في جميع الروايات الصادرة عن أهل البيت قالوها بعد الشهادة بالنبوة لرسول الله .
__________________
(١) إذ مرَّ عليك في كلام الإمام الكاظم عليهالسلام على وجود السيرة في ذلك ، لقوله عليهالسلام : « وان الذي أمر بحذفها اراد أن لا يكون حث عليها ودعاء إليها » وهذا الكلام واضح بأن هناك نهج لا يرتضي ذكر ما يأتي في تفسير الحيعلة بخلاف الإمام الكاظم الذي حبّذ الحث عليها والدعوة إليها ، وعليه فالسيرة قائمة على الشهادة بالولاية بالجواز لا اللزوم فلا يصحّ ما يقال : لماذا تركها الإمام المعصوم أو تركها اتباعهم كالشيخ المفيد والعماني وابن الجنيد وامثالهم .
(٢) سفرنامه ناصر خسرو : ١٤١ ، ١٤٢ ، صبح الأعشى في صناعة الإنشا ١٣ : ٢٣٠ .
(٣) انظر الإسماعيلية ، لاحمد إسماعيل : ٥٥ .