وبغداد ، كانوا يأتون بـ « محمّد وعلي خير البشر » بعد الحيعلة الثالثة ، والذي نقلنا خبرهما سابقاً ، وأنّ الحسين المعروف بأمير بن شكنبه كان يقولها في مصر (١) .
والشيخ كان لا يريد أن يبين نفسه بأنّه يتّفق مع هؤلاء ، لأن الشهادة بالولاية من خلال جملة « حيّ على خير العمل » كانت تعني بطلان خلافة الاخرين الذين غصبوا خلافة الإمام علي الذي هو خير البرية وأنّ ولايته خير العمل .
وبذلك صارت الحيعلة الثالثة شعاراً سياسياً بصرف النظر إلى كونها حكماً شرعياً ، وعلماءُ الشيعة ـ في تلك الأزمان ـ كانوا يريدون الحفاظ على الأمور الثابتة دون تأجيج الخلاف في المختلف فيه من المسائل التي لم تكن ضرورية وإلزامية ، كالشّهادة الصريحة بولاية الإمام عليّ في الأذان .
قال المقريزي : وإنّ جوهراً ـ القائد لِعساكر المعز لدين الله ـ لمّا دخل مصر سنة ٣٥٦ هـ وبنى القاهرة أظهر مذهب الشيعة ، وأذّن في جميع المساجد الجامعة وغيرها بـ « حيّ على خير العمل » ، وأعلن بتفضيل علي ابن أبي طالب على غيره ، وجهر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة رضوان الله عليهم (٢) .
وكذا جاء في حوادث سنة ٣٥٨ هـ من وفيات الأعيان : أُقيمت الدعوة للمعزّ في الجامع العتيق ، وسار جوهر إلى جامع ابن طولون ، وأمر بأن يؤذّن فيه بـ « حيّ على خير العمل » وهو أوّل ما أذّن ، ثم أذّن بعده بالجامع العتيق ، وجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم (٣) .
قال ابن خلّكان بعد الخبر السابق : وفي يوم الجمعة الثامن من ذي القعدة أمر
__________________
(١) المواعظ والاعتبار = خطط المقريزي ٢ : ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، بغية الطلب في تاريخ حلب ٦ : ٢٧٠٢ . وفيه : المعروف بأميركا بن شكنبه ، قمّي قدم حلب سنة ٣٤٦ هـ وافداً على سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان ، وتوفّي في عهده أي قبل سنة ٣٥٦ هـ .
(٢) المواعظ والاعتبار = خطط المقريزي ٢ : ٣٤٠ .
(٣) وفيات الاعيان ١ : ٣٧٥ ت ١٤٥ ، وانظر اخبار بني عبيد : ٨٥ .