ومصر (١) ، واليمامة (٢) ، وهذا فعل مبتلىً به ينبغي على الفقيه تناوله في رسالته العملية ، لكن الشيخ المفيد سكت عنه .
وكُلُّنا يعلم بأنّ الرسائل العملية يجب أن يوضح فيها المسائل المبتلى بها عند الناس وأن لا تسكت في الغالب عن حاجيات المؤمنين إلّا أن تكون من أوضح الواضحات عند عموم المكلفين أو أنّها غير مبتلى بها أساساً ، أو لأن الظروف لا تسمح ببيانها ، وهذا معناه أنّ التأذين بالولاية كان جوازه الشرعيّ من أوضح الواضحات حيث لا يمكن القول بأنّها غير مبتلى بها لتأذين الشيعة في الشام وبغداد ومصر واليمامة بذلك .
نعم يمكن القول بأن المفيد كان في غنى ان يشغل نفسه باُمور جائز تركها ، وعلى كلا التقديرين فإن عدم ذكره ، له مخرج معقول .
وملخص الكلام ان موقفه السكوتيّ في الشهادة الثالثة لا يعني موافقته للشيخ الصدوق رحمهالله .
والقرينة الثانية للدلالة على الجواز هي قول السيّد المرتضى بجوازها بعد أن سُئل من قبل أهل الموصل ـ الّذين لم يكونوا يشكّون بجوازها ، وأنّ جوازها كانت عندهم من أوضح الواضحات ـ لذلك لم يسألوه عن مشروعيتها بل سالوه عن وجوبها ، والسيّد أرجعهم إلى الواضح عندهم وهو الجواز وأفتى به دون الوجوب ، ومعنى هذا الكلام ان أهل الموصل لو لم يسألوه لما وصلتنا فتواه رحمهالله بالجواز .
فحال الشيخ المفيد هو مثل حال السيّد المرتضى ، فلو سُئِلَ لأجاب بالجواز خاصّة ، لأنّه معتقد أغلب الشيعة في ذاك العصر .
__________________
(١) الخطط للمقريزي ٢ : ٢٧٢ ، الكامل في التاريخ ٧ : ٤ ، ٣١ ، المنتظم ١ : ١٤٠ ، وفيات الاعيان ١ : ٣٧٥ ، ٣٧٩ ، تاريخ ابن خلدون ٤ : ٤٨ .
(٢) شعر نامه ناصر خسرو : ١٢٢ .