وعلى كل التقادير والاحتمالات في معنى الشاذ عند الشيخ الطوسي يكون العامل بالشهادة الثالثة غير مأثوم .
ولكي نفهم كلام الشيخ أكثر لا بدّ من توضيح بعض الأمور :
الأمر الأول : تفسير معنى الشاذ عنده وعند غيره من علماء الدراية والفقه ، فنقول : اختلفت تعابير علمائنا وعلماء العامة في معنى الشاذّ مع اتّفاقهم على معناه اللّغويّ وهو الانفراد عن الجماعة .
فقال البعض : هو ما رواه الثقة ، مخالفاً للمشهور (١) ، أو للأكثر (٢) ، أو لجماعة الثقات ، والمعنى في جميعها متقارب .
وقال الآخر : هو ما يتفرّد به ثقة من الثقات ، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة (٣) .
وقال الشافعي : ليس الشاذّ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره ، هذا ليس بشاذ ، إنّما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس (٤) .
إذن الشاذّ في الأغلب عندنا وعند العامّة هو ما يقابل المشهور والمحفوظ ، وقد يطلق الشاذّ عندنا خاصّة على ما لم يعمل بمضمونه العلماء وإن صح إسناده ولم يعارضه غيره . وحكى عن الإمام البروجردي قوله : كلما ازداد [ الشاذ ] صحةً ازداداً ضعفأ (٥) وذلك لترك الطائفة العمل به .
__________________
(١) انظر شرح البداية في علم الدراية ، للشهيد الثاني : ٣٩ .
(٢) الرعاية في علم الدارية : ١١٥ ، وصول الأخبار : ١٠٨ ، الرواشح السماوية : ١٦٣ ، الراشحة السابعة والثلاثون .
(٣) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري : ١١٩ ، وصول الاخيار : ١٠٦ .
(٤) معرفه علوم الحديث للحاكم النيسابوري : ١١٩ .
(٥) راجع المنهج الرجالي للسيّد البروجردي للسيّد محمّد رضا الجلالي حفظه الله تعالى .