ولأجله خَطَّأَهُم ولم يشر إلى الرأي الآخر ، لكنّه في « المبسوط » تحقق له أنّ عمل غالب الشيعة ـ الذين يأتون بها آنذاك ـ لم يكن على نحو الجزئيّة ، بل أنّهم كانوا يأتون بها لمبحوبيّتها الذاتيّة ولرجاء المطلوبية فأشار إلى الحكم الآخر في المسألة وقال بعدم الإثم في العمل بها .
ويؤيّد ذلك ما ورد عن السيّد المرتضى بعد أن سُئل عن قول القائل : « محمّد وعلي خير البشر » ، بعد : « حي على خير العمل » ، فقال :
|
إن قال : « محمّد وعلي خير البشر » على أن ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز ، وإن لم يكن فلا شيء عليه . |
إذن فالسيّد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهما الله تعالى هما أوّل من فكّكا بين الأمرين : الجزئية والمحبوبيّة الذاتية ، والشيخ لا يقول باستحباب الشـهادة بالولاية في الأذان ، علاوة على عدم القول بجزئيّتها تبعاً لما ورد في شواذّ الأخبار ، لأنّه لا يأخذ بالخبر الشاذّ إلّا إذا سلم من المعارِض ، كالعمومات ، والإجماع ، والأخبار المتواترة ، لأنّ أمثال هذه الأمور لا يجوز تخصيصها بمثل الشاذّ النادر .
وعليه : فالشيخ يرى في شواذّ الأخبار الحجيّة الاقتضائية لا الفعلية ، وهذا هو الذي دعاه أن لا يقول باستحبابها ، لقوله : « غير انه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله » لعدم عمل الطائفة بها ، لكنّه في الوقت نفسه ـ حسب ما احتملناه سابقاً ـ يرى حجيّتها الفعلية في مرحلة الجواز ، ولذلك أفتى بعدم الإثم بفعلها لو قيلت على غير الجزئية كالمحبوبية الذاتية أو بقصد القربة المطلقة ، وهو يؤكّد وجود عمومات أخرى يمكن الاستدلال بها على الجواز .