بعد أن انتهينا من بيان أقوال الشارع المقدّس وروايات المعصومين ، وسيرة المتشرّعة في عصر القدماء إلى أول المتأخرين ـ اعني العلّامة الحلي رحمهالله والنصوص التي وقف عليها قدماء أصحابنا الى أول المتأخرين ، ـ نريد الآن أن نقف على أقوال وآراء متأخّري الأصحاب الناطقة بمحبوبيّة الإتيان بالشهادة بالولاية في الأذان من باب القربة المطلقة مع إصرارهم وتأكيدهم على عدم جزئيتها ، ومخالفتهم لمن أتى بها على نحو الجزئية ، وإنّك من خلال عرضنا لأقوال هؤلاء الفقهاء سترى بأنّا لا نخرج عن إجماعهم ـ أو مشهورهم الأعظم ـ في ما قالوه عن الشهادة الثالثة ؛ لأنّهم يتّفقون على حقيقة واحدة هي رجحانها الذاتيّ ، وأنّ ما نسب إلى البعض من أنّه يذهب إلى تحريم كلّ زيادة في الأذان وإن كانت لرجاء المطلوبيّة ، فهو ـ في أحسن تقاديره ـ رأي شاذّ لا يقاومُ الإجماعَ أو الشهرة العظيمة التي كادت أن تكون إجماعاً ؛ لأنّنا وبوقوفنا على كلام متأخّري الأصحاب سنوضح مواضع الالتباس الذي وقع للبعض في تفسيره وسوء فهمه لكلماتهم ، إذ غالب هؤلاء الفقهاء ـ ان لم نقل كلّهم ـ لا يريدون نفي المشروعيّة والمحبوبيّة ، بل يريدون نفي الجزئيّة ، وهذا هو منهجهم في التعامل مع هذه المسألة من عصر القدماء إلى يومنا هذا .
وإليك الآن سير هذه المسألة في القرن الثامن الهجري ، ثمّ القرون التي تلته إلى يومنا هذا .