في حين لو تأمّلت فيما قلناه سابقاً ، لعرفت بأنّ غالب الشيعة لم يأتوا بهذه الصيغ على أنّها جزءٌ وشطرٌ في الأذان ، بل كانوا يأتون بها على نحو الذكر المحبوب تيمّناً وتبرّكاً ، وأنّ اختلاف الصيغ الرائجة عند الشيعة آنذاك ، ومنذ عهد الصدوق إلى يومنا هذا ، يؤكّد بأنّهم لا يأتون بها إلّا على المحبوبية ، وقد صرّح الفقهاء بذلك من قديم الزمان إلى يومنا هذا في رسائلهم العملية .
فلا تخالف إذن بين من يقول بجوازها وبين من يقول بحرمتها وبدعيتها حسب التوضيح الّذي قلناه .
القرن الثاني عشر الهجري
وهو قرن حافل بالأعلام والفقهاء العظام ، ولو راجعت كتاب « طبقات أعلام الشيعة » لوقفـت على أسمائهم ، وفي هذا القرن لم يتعرّض الفاضل الهندي ( ت ١١٣٧ هـ ) في (كشف اللثام ) (١) ، ولا جدّي السيّد محمّد إسماعيل المرعشي الشهرستاني في ( المقتضب ) (٢) ، ولا الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في هداية الامة ) (٣) إلى موضوع الشهادة بالولاية في الأذان ، وإن كان المحدّث الحرّ العاملي قد أشار إلى هذا الموضوع تلويحاً بعد أن ذكر الروايات المختلفة في عدد فصول الأذان والإقامة ، وأنه : ٣٧ أو ٣٨ أو ٤٢ ، فقال :
|
وهنا اختـلافٌ غير ذلك ، وهو من أمارات الاستحباب (٤) . |
لكنّ بعض الأعـلام في هذا القرن تطرّقوا إلى موضوع الشهادة الثالثة في كتبهم
__________________
(١) كشف اللثام ٣ : ٣٧٥ .
(٢) وهو أول عَلَم من أعلام أُسرتنا جاور الحائر الحسيني ، وكتابه مخطوط ومحفوظ في خزانة العائلة في كربلاء المقدّسة .
(٣) هداية الأمّة إلى احكام الأئمّة ٢ : ٢٥٨ .
(٤) هداية الأمّة ٢ : ٢٥٩ .