الولاية في الأذان لأنّه إعلام وإشعار للصلاة ولا يتحقّق الأذان الصحيح إلّا من المؤمن الموالي .
ويؤيّد ذلك ما جاء عن الإمام الرضا : « من أقرّ بالشّهادتين فقد أقر بجملة الإيمان » لا كلّه ، وسبق أن قلنا بأنّ في كلامه عليهالسلام إشارة إلى أنّ في الأذان معنى الولاية ، وبه يكون الأذان هو شعار الإسلام والإيمان معاً ، وقد استظهر هذا ـ من الرواية ـ قَبْلَنا جدُّنا من جهة الأُم التقيّ المجلسي رحمهالله الذي مرّ عليك كلامه سابقاً .
ومن هنا أُثيرت مسألة بين الفقهاء : هل الأذان إعلام ، أم شهادة ، أم ذكر ، أم . . . فذهب البعض منهم إلى أنّها إعلام ، فجوّزوا أذان الكافر لو كان مأموناً ، وذهب البعض الآخر إلى أنّها شهادة ، فاختلفوا : هل يجوز تأذين الكافر أم لا ؟ وعلى فرض أنّ الكافر شهد الشهادتين في الأذان فهل يعتبر مسلماً بهذه الشهادة أم لا ؟ فغالب الفقهاء اختاروا العدم (١) لكون ألفاظ الشهادتين في الأذان غير موضوعة لأَنْ يُعتقد بها ، بل الأذان للإعلام بوقت الصلاة ، وإن كان هذا الإعلام في غالب الأحيان يقترن بالاعتقاد ويصدر من المعتقِد ، وكذا تشهّد الصلاة لم يوضع لذلك ، بل لأنّه جزء من العبادة ، ولو صدرت عن غافل عن معناها صحّت صلاته لحصول الغرض المقصود منها ، بخلاف الشهادتين المجرّدتين ، فإنّهما موضوعتان للدلالة على اعتقاد قائلهما .
وقد اشترط البعض لزوم اشتراط الإيمان في المؤذّن ، لما روي في التهذيب عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه سئل عن الأذان : هل يجوز أن يكون من غير عارف ؟ قال عليهالسلام : لا يستقيم الأذان ولا يجوز أن يؤذّن به إلّا رجل مسلم عارف ، فإن علم الأذانَ فأذّن به ولم يكن عارفاً لم يجزئ أذانه ولا إقامته ولا يُقتدى به (٢) .
__________________
(١) انظر في ذلك روض الجنان : ٢٤٢ .
(٢) تهذيب الاحكام ٢ : ٢٧٧ / باب الأذان والإقامة / ح ١١٠١ .