أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، ثلاثاً .
أشهد أنّ علياً أمير المؤمنين حقّاً ، ثلاثاً » (١) .
وتقريب الاستدلال من هذه الموثّقة يكون على نحو ما تقدّم في صحيحة أو مصححة ابن أبي عمير السابقة ، لأنّ الله سبحانه وتعالى ـ بعد أن فرغ من خلق السماوات والأرض ـ أمر منادياً ينادي بالشهادات الثلاث بمحضر كلّ من الملائكة ، ومَنْ خلق مِنْ خلقه ، وهذا النداء لا معنى له إلّا أن يفترض منطقياً بأنّ الشهادة الثالثة تنطوي على ما يريده الله ، وأنّها شعار وعلامة لدينه القويم ومنهجه الصحيح المنطوية في : « أشهد ان محمّداً رسول الله » ، وأنّ الشهادة الثانية لا تتحقق إلّا من خلال الإتيان بالشهادة الثالثة ، كما أنّ الأُولى متوقّفة على الثانية ، وبعبارة أخرى : إنّ غرض الله سبحانه وتعالى من خلق السماوات والأرض لا يتحقّق إلّا بمثل هذا النداء الثلاثيّ ، كما في قوله تعالى ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٢) وقوله ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (٣) .
وإذا ثبت هذا فلا يمكن الشك في ضرورة اتّخاذه شعاراً لما يريده الله سبحانه وتعالى ـ فيما دون خلق السماوات والأرض ـ وبدون افتراض ذلك نقع في محذور اللَّغْوِيّة من قبل رب العالمين ـ والعياذ بالله ـ وصدور الكلام الخالي من المعنى ـ عنه جل شانه ـ أي نقع في محذور لغوية النداء بالشهادات الثلاث ، لأنّه لا فائدة من هذا الإشهاد ، إذا لم يترتب عليه شيء في عالم الدُّنيا .
لا يقال : بأنّه يكفي أن تترتّب عليه فائدة توكيد الولاية ، لأنّ ذلك يردّه : أنّه ما فائدة ذكر الشهادتين بالتوحيد وبالرسالة إذا كان المقصود توكيد الولاية فقط ؟
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٧٠١ / ح ٩٥٦ ، الكافي ١ : ٤٤١ / باب مولد النبي صلىاللهعليهوآله / ح ٨ .
(٢) النساء : ٥٩ .
(٣) المائدة : ٥٥ .