وحدي لا شريك لي ، قالوا : شهدنا وأقررنا .
قال : اشهدوا يا ملائكتي وسكّان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أنّ محمّداً عبدي ورسولي ، قالوا : شهدنا وأقررنا .
قال : اشهدوا يا ملائكتي وسكّان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أنّ عليّاً وليّي ووليّ رسولي ، وولي المؤمنين بعد رسولي ، قالوا : شهدنا وأقررنا (١) .
فلو تأملنا قليلاً في هذا النص فإننا بين خيارين ؛ فإمّا أن نطرحه جانباً ونقول أنّه مجرد ذكر فضيلة لأمير المؤمنين علي ، وإما أن نقول بأنّه لا يقتصر على بيان الفضيلة فحسب ، بل يعني الولاية للأئمة على الأموال والأنفس ولزوم اتباع أقوالهم فقهاً واعتقاداً لمجيء كلمة « وليّي وولي رسوليّ وولي المؤمنين بعد رسولي » .
وعلى الأول تأتي إشكالية اللَّغوية ؛ إذ ما معنى أن ينادي الله ـ عزت أسماؤه ـ بنفسه ويقول : اشهدوا يا ملائكتي وسكّان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أنّ علياً وليي . . . ، ثم إجابة الملائكة : شهدنا وأقررنا ؟
فلو كان الأمر مجرّد ذكر فضيلة لاكتفى الله سبحانه بالقول : بأنّ علياً وليي فقط ، لكنّ نداء الله وإشهاد الملائكة بأنّ علياً وليه وولي رسوله وولي المؤمنين بعد رسوله يعني شيئاً آخر غير بيان الفضيلة ، وهو أنّ لعلي دوراً في التشريع لاحقاً ، وأنّه امتداد لتوحيد الله وسنة نبيّه ، كما هو الاخر يعني أن الشعارية لعلي محبوبة عند الله وإلّا لما امر بالاشهاد له ، إذ أنّ الإشهاد والإقرار والإظهار وما يماثلها تحمل مفاهيم أكثر من المحبوبية ، بل حتّى لو قلنا بأنّها بيان للفضائل ، فبيان الفضائل بهذا النحو هو مقدمة للأخذ بأقوال هؤلاء المعصومين ، لأنّهم معالم الدين وأعلامه .
وعليه فذكر الفضائل فيه طريقية للانقياد لهم ورفع ذكرهم ، لكن الأمة لم تعمل
__________________
(١) تفسير فرات : ٣٤٣ ، ٤٥٢ .