والمحب المفرط بمقتضى الحديث لا يقل خطورة على الدين وأهله من الناصبّي ؛ فالمحبّ المفرط هو الذي يعطي مقاماً لأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام لا يرتضيه الله ورسوله ووليّه وبقية أهل العصمة عليهمالسلام ، ولقد ذكر لنا التاريخ أنّ هناك مَن أَلَّه عليّاً عليهالسلام ففتقوا في الدين فتقاً أثّر كثيراً في مسيرة الدين الإسلامي الصحيح ؛ الأمر الذي حدا بالنّواصب لأن يصطادوا في الماء العكر ويتّهموا أهل الحق من شيعة أمير المؤمنين بأنّهم ليسوا من الإسلام والقرآن في شيء ، وأنّهم مشركون وكفرة ، وأنّ جبرائيل ـ سلام الله عليه ـ خان الأمانة ، إلى غير ذلك من التّهم والتُرَّهات التي ما زالت تلاك في ألسـنة بقايا النواصب وذراري أعداء أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين .
وبذلك نكاد نقطع بأنّ ثبات الشيعة على مرّ العصور على صيغة : « أشهد أنّ عليّاً وليّ الله » أو « حجّة الله » دون صيغ الشعارية الأخرى التي من قبيل « محمّد وآل محمّد خير البريّة » جاءت لدفع المفسدة عن مذهبهم الحق ، ولكي لا يُرموا بالغلو والتفويض ، وإشارة إلى أنّ عليّاً مهما بلغ من الفضيلة والقدسيّة فلا يعدو ـ صلوات الله عليه ـ كونه حجّة الله وولي الله وأشرف عبيد الله من بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّ هاتين الصيغتين أصرح وأوضح للدلالة على الولاية من غيرهما .
وهذا معناه أنّ شعارية الشهادة الثالثة لا تقف على القطع بوجود المصلحة في عملية التبليغ بها كما تواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فقط ، بل أيضاً على القطع بدفع مفسدة شبهة الألوهية الملقاة على عاتق الشيعة من قبل النواصب وأعداء أهل البيت عليهمالسلام زوراً وبَهْتاً .
وان الشيعة استحباباً تأتي بالشهادة الثالثة بعنوانها الثانوي ، أي لردّ هجمات الخصوم عليها ولكونه كلاماً حقاً وشعاراً مطلوباً ومحبوباً للشارع مؤكدة بعدم جواز الإتيان بها بقصد الجزئية .