قطع بوجوده حقيقة أو تعبدا ـ والحكم حينئذ حجّة ، كالحجية المستفادة من الملازمات والمفاهيم والأولويّة ؛ فإذا قطعنا بوجود الملاك بالنداء حينما خلق الله السماوات ، ويوم الميثاق ، ويوم غدير خم وغيرها ، أمكن الجزم بعدم البأس بالإتيان بها في العبادات مع عدم المانع ، ولا يوجد مانع إلّا التوقيفية ، وهو خاصّ بالإتيان الماهويّ لا الشعاريّ .
٣ ـ وجود المصلحة : والفرق بين هذا التخريج وما قبله هو أنّ الثاني اعتمد على الملاك المنتزع من النصوص المتواترة والحقائق الشرعية الثابتة ، وهذا التخريج الثالث ابتنى علاوة على ما سبق على البعد التاريخي ولحاظ شرائط الزمان والمكان والمصلحة المستفادة من الشعارية ، ولأجل ذلك قيّد السيّد الحكيم فتواه : ( بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيع فيكون من هذه الجهة راجحاً ) ، ونحوه جاء كلام السيّد الخوئي الذي جمع بين التخريجين الثاني والثالث .
٤ ـ دفع المفسدة : وهذا التخريج قد يدخل ضمن ما سبق ، وإنّما أفردناه بعنوان مستقل ، لأنّ المصلحةَ غير المفسدة ، وبما أنّ خصومنا يتّهموننا بأُلوهية الإمام عليّ ، وقولنا بخيانة الأمين جبرئيل ، فعلينا ودفعاً لكلّ هذه الأكاذيب أن نجهر بأصواتنا بـ « أشهد أنّ عليّاً ولي الله » بعد الشهادتين ـ بالتوحيد لله وبالرسالة لمحمّد صلىاللهعليهوآله ـ كي نؤكّد بأن الإمام عليّاً عليهالسلام ما هو عندنا إلّا ولياً لله ، نتّخذه شعاراً لبيان توحيدنا لربّ العالمين ، والاشادة برسوله الأمين ، وأنّ عليّاً وأولاده المعصومين ما هم إلّا حجج رب العالمين ، نقول بذلك إعلاءً لذكرهم الذي جدّ القوم لطمسه وحذفه من الأذان .
ولا بأس بالتنويه إلى أنّ هذه التخاريج الأربعة كلّها تصبّ في مصبّ واحد وان كان التخريجان الأوّلان هما الأصل لمبحث الشعارية ، وأنّ من يقول بالشعارية يلحظ هذه الأُمور جميعاً .
كما لا تنبغي الغفلة عن أنّ القول بالجواز هنا لا ينفي الأدّلة المارّة ، كأدلة الاقتران ، وفتوى المشهور الأعظم على الجواز ، بل هو في طولها أو مما يضاف إليها .