بل لماذا لا ترى الحنفية التثويب = « الصلاة خير من النوم » إلّا بعد أذان الفجر (١) ، في حين تراه المذاهب الأُخرى مشروعاً في اذان الفجر ؟ وهكذا الحال بالنسبة إلى إفراد أو تثنية الإقامة عند المذاهب الأربعة ، فهم مختلفون في ذلك ! !
نعم ، قد جمع ابن حزم بين تلك الوجوه بقوله : « . . . كلُّ هذه الوجوه قد كان يُؤذَّنُ بها على عهد رسول الله بلا شكّ ، وكان الأذان بمكّة على عهد رسول الله يسمعه إذا حجّ ، ثم يسمعه أبو بكر وعمر ، ثمّ عثمان بعده . . فمن الباطل . . .» . إلى آخر كلامه المار ذكره سابقاً (٢) .
هذا بعض الاختلاف في الأذان عند المذاهب الأربعة ، وهم ليسوا من الشيعة الإماميّة ، فما هو السرّ في هذا الاختلاف في شعار كان يتكرّر بمرأى ومسمع النبي صلىاللهعليهوآله والصحابة مراراً عديدة كلّ يوم ؟ !
والآن فلنقرر السؤال السابق بطرح سؤال آخر وهو : هل الإمام علي بن أبي طالب ذُكر اسمه في القرآن أم لا ؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب ، فأين ذُكِرَ ؟ وإن كان بالنفي ، فكيف يمكن الاستدلال على إمامته في حين لم ينصّ القرآن على هذا الموضوع المهم ؟
لقد نزلت في علي أكثر من خمسمائة آية ، وروي عن ابن عباس أنّه قال : ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي (٣) .
وفي آخر عنه رضياللهعنه أنه قال : نزلت في علي ثلاث مائة آية (٤) .
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ ، تحفة الفقهاء ١ : ١١٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ .
(٢) المحلى ٣ : ١٥٤ ، وقد كانت لنا وقفة علمية مع هذا الكلام في الكتاب الأول من هذه الدراسة ، والمطبوع تحت عنوان « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » الباب الأول ص ١٩ .
(٣) تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٦٣ شواهد التنزيل ١ : ٥٢ ، السيرة الحلبية ٢ : ٤٧٤ ، تاريخ الخلفاء : ١٧١ ، بحار الأنوار ٣٦ : ١١٧ ، عن كشف اليقين للعلّامة الحلي : ٣٥٦ .
(٤) البداية والنّهاية ٧ : ٣٥٩ ، الصواعق المحرقة ٢ : ٣٧٣ .