هو(١) ، وما جاء في الكتاب المنسوب إلى والده (٢) في دعاء التوجّه إلى الصلاة ، والتشهد والتسليم ، وخطبة الجمعة ، وكلّها فيها ما يدلّ على الإقرار بالشهادة بالولاية ـ هي من وضع المفوّضة ؟
إنّها تساؤلات يجب بحثها لاحقاً بكلّ هدوء وتروِّ ، مراعين التجرّد والإنصاف .
وممّا يؤسف له حقّاً أنّ بعض الكتّاب الجُدُد أرادوا الخدش والطعن في بعض الروايات الصحيحة المعتبرة ، باتّهام رواتها بالغلوّ والتفويض والوضع ؛ لأنّهم رووا بعض العقائد التي لا تتحملها عقولهم (٣) ، جرياً مع من سبقهم ، في حين أنّ بيان هكذا مقامات لهؤلاء العباد المخلصين لا تقتصر على الشيعة ، فثمّة مجموعة لا يستهان بها من الفرق الاُخرى كأتباع ابن العربي أو غيره ، لهم عقائد في الأولياء والصالحين ، قد يعدّها من يخالفهم غلواً ، وهم يروون نصوصاً يستدلّون بها على عقائدهم ، ولو رجعت إلى كتب الصوفية لرأيتهم يعتبرون آل البيت هم الأقطاب والأولياء الحقيقيين لهذه الأمّة .
نحن لا نريد أن نصحّح أعمال الصوفية أو أن نوحي بأنّا مؤمنون بها ، بقدر ما نريد الإشارة إليه من سموّ مكانة هؤلاء الأئمة المنتجبين الصالحين عند جميع المسلمين .
ولا يخفى عليك بأن بعض الكُتَّاب ذهبوا إلى أنَّ ما رواه الصدوق « خُلِقُوا من فضل طينتنا » (٤) وما يشابهها ، ما هي إلّا من وضع المفوّضة !
إنَّ إثبات صحّة أو بطلان مثل هذه العقائد بحاجة إلى دراسة شاملة ، لأنّه ليس من الصواب الانصياع إلى حكم عائم كهذا دون مراجعة مجموعة أقوال
__________________
(١) المقنع : ٩٣ ، ٩٦ الفقيه ١ : ٣٠٤ / ح ٩١٦ ، والصفحة ٣١٩ / ح ٩٤٥ .
(٢) فقه الرضا : ١٠٤ ، ١٠٨ ، ١٠٩ .
(٣) انظر كلام الدكتور حسين المدرسي الطباطبائي في ( المباني الفكرية للتشيع ) الفصل الثاني .
(٤) أمالي الصدوق : ٦٦ / المجلس الرابع / ح ٣٢ ، عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وانظر فضائل الاشهر الثلاثه للصدوق : ١٠٥ / ح ٩٥ ، عن أبي الحسن عليهالسلام . روضة الواعظين : ٢٩٦ ، وفيه « من فاضل طينتنا » ، وسائل الشيعة ٢٥ : ١٣٦ / ح ٣١٤٣٨ ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام وفيه : « من طينتنا » .