بعض الناس ، وهو ليس شرطاً في نبوتهم أو إمامتهم ، بل هو لطف من الله تعالى في طاعتهم .
فقد قال بعض أصحاب الإمام علي عليهالسلام له : لقد أُعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب .
فضحك عليهالسلام ، وقال للرجل وكان كلبياً : يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تَعَلُّمٌ من ذي علم ، وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عَدَّدَ الله سبحانه بقوله ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِ ) (١) . . . فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر وأنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقي أو سعيد ، ومن يكون في النار حطباً ، أو في الجنان للنبيين مرافقاً ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلّا الله ، وما سوى ذلك فعلم عَلَّمهُ الله نبيَّهُ فعلَّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطَّم عليه جوانحي (٢) .
وقد أكّد نبيّ الله هود لقومه بأنّه ليس عنده خزائن الله ولا يعلم الغيب ولا يقول أنّه ملك ، كما في قوله تعالى : ( وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) (٣) .
وقد قال عيسى لقومه : ( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٤) .
فإذا كان بين البشر من يطلعه الله على الغيب ، ويحيي الموتى ويُبرئُ الأكمه بإذنه ، فهو إعلام من الله للناس بذلك ، وفضل منه إليه ، فلا غرابة أن يكلّم النبيُّ
__________________
(١) لقمان : ٣٤ .
(٢) نهج البلاغة ٢ : ١١ ، من كلام له عليهالسلام فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة ، وعنه في بحار الأنوار ٢٦ : ١٠٣ / ح ٦ ، و ٣٢ : ٢٥٠ ، و ٤١ : ٣٣٥ .
(٣) هود : ٣١ .
(٤) آل عمران : ٤٩ .