أو الإمامُ الحيوانات بفضل الله كما في نبي الله سليمان عليهالسلام .
وما جاء في الكشي عن الفضل بن شاذان (١) من أنّه كان ينكر علم الإمام بضمائر الناس وتكلّمه مع الحيوانات بلغاتهم وغيرها ، إنّما كان إنكارهم لعلمهم بتلك الأمور على نحو الاستقلال لا من باب اللُّطف والفضل ، فإنّ هذا ممّا لا يمكن لأحد إنكاره .
وعليه فلا يستبعد أن يكون هؤلاء الأئمّة هم الذين يحيون الموتى ويطّلعون على ضمائر الناس ، لكن لا على نحو الاستقلال ، ولا من باب استجابة الدعاء الذي يلحظ للصالحين والأبرار من عباد الله ، بل لأنَّ مرتبتهم المفاضة فوق تلك المراتب ، وإن الله تعالى يمكنه أن يسلبهم ما أفاض عليهم بطرفة عين ؛ لأنّه منبع القدرة ، ولا إله غيره .
وفي الجملة : إنّا لا ننكر وجود الغلاة والمفوّضة بين عموم المسلمين ، ولكنْ ما هو الدليل على أنّ الروايات الفلانية هي من وضعهم ؟ وكيف يتسنَّى لنا معرفة كون هذا القول أو العمل أو ذاك من الغلوّ والتفويض ، أو ليس منهما ؟ فهذه مسألة حسّاسة ، وليس من الصحيح ما يعمله البعض من إلصاق الحديث الفلانيّ بابن سبأ والسبئيّة وأنّه موضوع ، مع أنّه ثابت في الأصول الحديثية ، فالوصاية لعلي ، والرجعة وغيرها من العقائد الإسلامية الحقّة هي ثابتة بالقرآن والسنة ، ولا يمكن نفيها بدعوى أنّها قريبة لأفكار ابن سبا المزعوم . كلّ ذلك دون امتلاك أيّ دليل أو حجَّة قاطعة عليه .
إنّ المتحاملين بنوا صرح مواقفهم المضادّة ضدّ الشيعة والتشيُّع على شفا جرف هار من الادّعاءات والتخرّصات التي تطلق على عواهنها ، في حين أنَّ نظرة الشيعة مخالفة لتلك الأمور الملصقة بهم تماماً ، إذ أقوالهم وعقائدهم مبتنية على الذكر
__________________
(١) الكشي ٢ : ٨١٨ / الرقم ١٠٢٦ ، انظر بحار الأنوار / الباب ١٦ وانهم يعلمون منطق الطير والبهائم وقارنه بما قاله الدكتور حسين المدرسي في ( تطور المباني الفكرية للتشيع ) .