أوّل من بعثوا الخمس إليهم ، وأنّ الأئمّة أكرموا جماعة منهم بالهدايا والأكفان ، كأبي جرير زكريا بن إدريس ، وزكرّيا بن آدم ، وعيسى بن عبد الله بن سعد وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكلام ، وهذا فضل لا يحصل عليه إلّا المؤمنون المخلصون (١) .
وقد كانت قم لتشيّعها الأصيل واستعصائها على الأمويين والعباسيين خير مأوى للطالبيين وغيرهم من المجاهدين .
ولا يخفى عليك بأنّ إحدى سمات الفكر الشيعي هي عدم ارتضائه جور السلطان وذهابه إلى وجوب الخروج عليه أمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر عند تهيّؤ الظروف (٢) ، بخلاف الآخرين الذين يحرّمون الخروج على السلطان الجائر حتّى ولو كان ظالماً فاسقاً (٣) ، وقد جاء في تاريخ قم أنّهم كانوا لا يسمحون للولاة الظلمة أن يستقرّوا في البلدة ، فكان الولاة يحكمونها من الخارج (٤) .
وقد ذكرت كتب السير والتواريخ بعض أخلاقيّاتهم ، وأنّهم كانوا يماطلون الحكومة في إعطاء الخراج ، حتى قيل عنهم أنّهم طلبوا من المأمون أن يقلل نسبة الخراج عنهم كما فعل مع أهل الري ، لكنّه ردّ ذلك ، فامتنعوا من إعطائه الأموال ، وهو مما أَدَّى إلى إرسال المأمون جيشه لمواجهتهم فخرّب الجيش السور وقتل الناس وكان من بينهم : يحيى بن عمران وكيل الإمام الجواد هناك (٥) .
وعلل بعض الكُتّاب تزويج المأمون ابنته من الإمام الجواد عليهالسلام لاجل الحدّ من
__________________
(١) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ٥٧ : ٢٢٠ / الباب ٣٦ عن تاريخ قم . ونقله أيضاً الأمين عن تاريخ قم في أعيان الشيعة ١٠ : ١٥٩ .
(٢) انظر وسائل الشيعة ١٥ : ٥٠ / أبواب جهاد العدو / الباب ١٣ .
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ٢ : ٣٨ ، الإبانة ١ : ٣١ ، التيسير بشرح الجامع الصغير ١ : ٤٢٦ .
(٤) نشوار المحاضرة ٨ : ٢٦٠
(٥) تاريخ الطبري ٧ : ١٨٣ حوادث سنة ٢١٠ هـ ، الكامل في التاريخ ٦ : ٣٩٩ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٣٩٧ وانظر تاريخ الموصل للدكتور جاسم حسين : ٣٦٧ .