(اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي : العلم التوحيدي بالمحبة التي اقتضت استحقاقه لذلك فكان حقا له (وَالْمِيزانَ) أي : العدل ، وإذا حصل العلم والتوحيد في الروح والمحبة في القلب والعدل في النفس قرب الفناء في الله ووقوع القيامة الكبرى.
[١٩] (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩))
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) يلطف بهم في تدبير إيصال كمالاتهم إليه وتهيئة أسبابه وتوفيقهم للأعمال المقرّبة لهم إليها (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) العلم الوافر بحسب عنايته به في هيئة استعداده له ، (وَهُوَ الْقَوِيُ) القاهر (الْعَزِيزُ) الغالب ، يمنع من يشاء بمقتضى عدله وحكمته ولكل أحد نصيب من اللطف والقهر لا يخلو أحد منهما وإنما تتفاوت الأنصباء بحسب الاستعدادات والأسباب والأعمال والأحوال.
[٢٠ ـ ٢٢] (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢))
(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) بقوة إرادته وشدّة طلبه لزيادة نصيب اللطف وتوجهه وإقباله إلى الحق لحيازة القرب (نَزِدْ لَهُ) في نصيبه ، فنصلح حال آخرته ودنياه لأن الدنيا تحت الآخرة وظلها ومثالها وصورتها تتبعها (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا) وأقبل بهواه إلى جهة السفل وتعلق همّه بزيادة نصيب القهر وبعد عن الحق (نُؤْتِهِ مِنْها) ما هو نصيبه وما قسم له وقدر لا مزيد عليه (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) لإعراضه عنها وعقد همّه بالأدون ووقوفه معه وجعله حجابا للاشراف وإدباره عن النصيب الأوفر ، فلا يتهيأ لقبوله ولا يستعد لحصوله إذ الأصل لا يتبع الفرع.
[٢٣ ـ ٣٦] (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)