أُخْرى) قبل إرادتك وطلبك بمحض عنايتنا (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ) النفس الحيوانية (ما يُوحى) أي : أشرنا إليها (أَنِ اقْذِفِيهِ) في تابوت البدن أو الطبيعة الجسمانية (فَاقْذِفِيهِ) في يمّ الطبيعة الهيولانية (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُ) عند ظهور نور التمييز والرشد بساحل النجاة (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ) النفس الأمّارة الجبارة الفرعونية (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) أي : أحببتك وجعلتك محبوبا إلى القلوب وإلى كل شيء حتى النفس الأمّارة والقوى ، ومن أحببته يحبه كل شيء (وَلِتُصْنَعَ) وتربى على كلاءتي وحفظي فعلت ذلك.
[٤٠ ، ٤١] (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١))
(إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ) العاقلة العملية عند ظهورها وحركتها (فَتَقُولُ) للنفس الأمّارة والقوى المنعطفة عليه (هَلْ أَدُلُّكُمْ) بالآداب الحسنة والأخلاق الجميلة على أهل بيت من النفس اللوّامة وقواها الجزئية بفوات قرّة عينها (عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ) لكم بالتربية بالفكر والإرضاع بلبان الحكمة العملية والعلوم النافعة وهم له ناصحون معاونون على كسب الكمال ، مرشدون إلى الأعمال الصالحة ، معدّون للترقي إلى المرتبة الرفيعة (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ) المشفقة عليك التي هي النفس اللوّامة اللائمة لنفسها بتضييع قرّة عينها ليحصل اطمئنانها بنور اليقين وتتهذب بالحكمة العملية وترضع منها اللبن المذكور وتتربى في حجر تربيتها بالمدركات الجزئية والآلات البدنية والأعمال الزكية (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) أي : تتنوّر بنورك (وَلا تَحْزَنَ) على فوات قرّة عينها ونقصها.
(وَقَتَلْتَ نَفْساً) أي : الصورة الغضبية المسوّلة لك بالرياضة والإماتة (فَنَجَّيْناكَ) من غمّ استيلاء النفس الأمّارة وإهلاكها إياك (وَفَتَنَّاكَ) ضروبا من الفتن بظهور النفس وصفاتها والرياضة والمجاهدة في دفعها وقمعها وإماتتها وتزكيتها (فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) العلم من القوى الروحانية عند شعيب العقل الفعال (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ) على حد من الكمال المقدّر بحسب استعدادك أو على شيء مما قدّرته لك ، أي : بعض ما قدر لك من الكمال التام الذي هو التجلي الذاتي الذي سيوهب لك بعد كمال الصفات (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) أي : استخلصتك لنفسي وجعلتك من جملة خواصي من بين أهل مدينة البدن ، ولما فيك من الخصال الشريفة والأهلية لخلافتي.
[٤٢ ـ ٤٧] (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤) قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ