(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) الإله المعبود ولما أطاعوا الهوى فقد عبدوه وجعلوه إلها ، إذ كل ما يعبده الإنسان بمحبته وطاعته فهو إلهه ولو كان حجرا (وَأَضَلَّهُ اللهُ) عالما بحاله من زوال استعداده وانقلاب وجهه إلى الجهة السفلية أو مع كون ذلك العابد للهوى عالما بعلم ما يجب عليه فعله في الدين على تقدير أن يكون على علم حالا من الضمير المفعول في أضله الله لا من الفاعل وحينئذ يكون الإضلال لمخالفته علمه بالعمل وتخلف القدم عن النظر لتشرب قلبه بمحبة النفس وغلبة الهوى كحال بلعام بن باعورا وأضرابه كماقال عليهالسلام : «كم من عالم ضلّ ومعه علمه لا ينفعه» أو على علم منه غير نافع ، لكونه من باب الفضول لا تعلق له بالسلوك (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) بالطرد عن باب الهدى والإبعاد عن محل سماع كلام الحق وفهمه لمكان الرين وغلظ الحجاب (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) عن رؤية جماله وشهود لقائه (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) إذ لا موجود سواه يقوم بهدايته (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أيها الموحدون (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) أي : الحسيّة (نَمُوتُ) بالموت البدني الطبيعي (وَنَحْيا) الحياة الجسمانية الحسيّة لا موت ولا حياة غيرهما ولا ينسبون ذلك إلا إلى الدهر لاحتجابهم عن المؤثر الحقيقي القابض للأرواح والمفيض للحياة على الأبدان.
[٢٦] (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦))
(قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) لا الدهر (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) إليه بالحياة الثانية عند البعث ، أو الله يحييكم لا الدهر بالحياة الأبدية القلبية بعد الحياة النفسانية ثم يميتكم بالفناء فيه ثم يجمعكم إليه بالبقاء بعد الفناء والوجود الموهوب لتكونوا به معه.
[٢٧ ـ ٣٥] (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٤) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥))
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا مالك غيره في نظر الشهود (وَيَوْمَ تَقُومُ) القيامة