[٧٧ ـ ٧٩] (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩))
(أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) في ظلمة صفات النفوس وليل الجسمانية (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً) من التجريد في بحر عالم الهيولى (يَبَساً) لا تصل إليه نداوة الهيئات الهيولانية ورطوبة المواد الجسمانية (لا تَخافُ دَرَكاً) لحوقا من البدنيين المنغمسين في غواشي الطبيعة الظلمانية (وَلا تَخْشى) غلبتهم عليكم واستيلاءهم ، فإنهم مقيدون محبوسون فيها ، قاصرون عن شأنكم (فَأَتْبَعَهُمْ) لإهلاكهم دينهم بالانغماس في الطبيعيات فغشيهم من يم القطران ما غشيهم من الهلاك السرمدي والعذاب الأبدي ، والتطبيق قد مرّ غير مرة.
[٨٠ ، ٨١] (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١))
(وَواعَدْناكُمْ جانِبَ) طور القلب (الْأَيْمَنَ) الذي يلي روح القدس وهو محل الوحي الذي يسمونه الروع والفؤاد (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ) من الأحوال والمذاهب من الذوقيات وسلوى العلوم والمعارف من اليقينيات (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي : تغذوا تلك المعارف الطيبة وتقبلوها بقلوبكم فإنها سبب حياتها (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) بظهور النفس وإعجابها بنفسها عند استشراقها ورؤيتها بهجتها وكمالها وزينتها (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ) غضب الحرمان وآفة الخذلان (فَقَدْ هَوى) سقط عن مقام القرب في جحيم النفس واحتجب عن نور تجلي صفات الجمال في ظلمات الاستتار وأستار الجلال.
[٨٢] (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢))
(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ) لستّار صفات النفس الطاغية الظاهرة بتزييناتها واستغنائها بأنوار صفاتي (لِمَنْ تابَ) عن تظاهرها واستيلائها ، واستغفر بانكسارها وانقماعها ولزومها ذلّ فاقتها وافتقارها (وَآمَنَ) بأنوار الصفات القلبية وتجليات الأنوار الإلهية (وَعَمِلَ صالِحاً) في اكتساب المقامات كالتوكل والرضا والملكات المانعة من التلوينات بالحضور والصفاء (ثُمَّ اهْتَدى) إلى نور الذات وحال الفناء.
[٨٣ ـ ٩٩] (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ