[٨١] (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١))
(وَلِسُلَيْمانَ) أي : سخّرنا لسليمان العقل العملي المتمكن على عرش النفس في الصدر ريح الهوى (عاصِفَةً) في هبوبها (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) مطيعة له إلى أرض البدن المتدرب بالطاعة والأدب (الَّتِي بارَكْنا فِيها) بتثمير الأخلاق والملكات الفاضلة والأعمال الصالحة (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ) من أسباب الكمال (عالِمِينَ).
[٨٢] (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢))
(وَمِنَ) شياطين الوهم والتخيّل (مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) في بحر الهيولى الجسمانية يستخرجون درر المعاني الجزئية (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) من التركيب والتفصيل والمصنوعات وبهيج الدواعي المكسوبات وأمثالها (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) عن الزيغ والخطأ والتسويل الباطل والكذب.
[٨٣ ـ ٨٦] (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤) وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦))
(وَأَيُّوبَ) النفس المطمئنة الممتحنة بأنواع البلاء في الرياضة البالغة كمال الزكاء في المجاهدة (إِذْ نادى رَبَّهُ) عند شدّة الكرب في الكدّ وبلوغ الطاقة والوسع في الجدّ والجهد (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) من الضعف والانكسار والعجز (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) بالتوسعة والروح (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) بروح الأحوال عن كدّ الأعمال عند كمال الطمأنينة ونزول السكينة (فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) الرياضة بنور الهداية ونفسنا عنه ظلمة الكرب بإشراق نور القلب (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ) القوى النفسانية التي ملكناها وأمتناها بالرياضة بإحيائها بالحياة الحقيقية (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) من إمداد القوى الروحانية وأنوار الصفات القلبية ووفرنا عليهم أسباب الفضائل الخلقية وأحوال العلوم النافعة الجزئية (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ).
[٨٧ ـ ٨٨] (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨))