السارق إلا في ربع دينار فصاعدا» فبين أنه إنما أراد بقوله (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) بعض السراق دون بعض ، فلا تقطع يد السارق في أقل من ربع دينار ، ويقطع في ربع دينار أو فيما قيمته ربع دينار أو في ثلاثة دراهم .. وقال أحمد : إن سرق ذهبا فربع دينار. وإن سرق غير الذهب والفضة فالقيمة ربع دينار أو ثلاثة دراهم من الورق».
وقال أبو حنيفة وصاحباه والثوري : لا تقطع يد السارق إلا في عشرة دراهم كيلا ، أو في دينار ذهبا عينا أو وزنا. ولا يقطع حتى يخرج بالمتاع من ملك صاحبه .. ثم قال : وتقطع اليد من الرسغ. ولا خلاف في أن اليمنى هي التي تقطع أولا» (١).
٣ ـ وقد اشترط الفقهاء في المال المسروق الذي تقطع فيه يد السارق أن يكون ما لا محرزا ، أى مصونا محفوظا معنيا بحفظه العناية اللائقة بمثله.
قال القرطبي : الحرز هو ما نصب عادة لحفظ أموال الناس ، وهو يختلف في كل شيء بحسب حاله. قال ابن المنذر : ليس في هذا الباب خبر ثابت لا مقال فيه لأهل العلم. وإنما ذلك كالإجماع من أهل العلم. وحكى عن الحسن وأهل الظاهر أنهم لم يشترطوا الحرز. وفي الموطأ لمالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا قطع في ثمر معلق ـ أى في ثمر على الأشجار ـ ولا حريسة جبل ـ أى ما يحرس بالجبل ـ فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن» (٢).
كذلك اشترطوا عدم الشبهة في المال المسروق ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم».
فلا يقطع من سرق ما لا له فيه شركة ، أو سرق من مدينه مثل دينه ، ولا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده. ولا الأب إذا سرق من مال ابنه وما أشبه ذلك لوجود الشبهة.
كذلك اشترطوا في المسروق الذي يجب فيه الحد أن يكون ما لا متقوما. أى : مما يتموّله الناس ، ويعدونه لمقاصدهم المختلفة فلا تقطع يد السارق إذا سرق شيئا تافها ، أو سرق شيئا مما لا يتمول كالتراب والطين والماء وما يشبه ذلك.
كذلك اشترطوا فيه ألا يكون مما يحرم تناوله أو استعماله. فإذا كان مما يحرم تناوله أو استعماله كالخمر أو الخنزير أو أدوات اللهو والمجون فإنه في تلك الأحوال لا تقطع يد السارق.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ١٦٠ بتصرف وتلخيص.
(٢) في المعجم الوسيط : المراح : مأوى الماشية ج ١ ص ٣٨١. والجرين : الجرن ، وهو الموضع الذي يداس به البر ونحوه وتجفف فيه الثمار ج ١ ص ١١٩ ، والمجن : الترس يتقى به في الحرب وثمنه ثلاثة دراهم.