(فَاعْتِلُوهُ) : جرّوه وسوقوه بشدة وعنف. (سَواءِ الْجَحِيمِ) : وسط الجحيم (تَمْتَرُونَ) : تشكون.
الكلام من أول السورة مع مشركي مكة وقد تخلله ذكر قصة فرعون وقد ظهر فيها إصرارهم على الكفر والعناد ، وكيف كانت عاقبتهم؟ ليبين لكفار مكة أنهم يشبهون قوم فرعون في إصرارهم على الكفر وأن عاقبتهم ستكون مثلهم.
وبعد ذلك عاد إلى الكلام الأول الذي يدور حول نقاش المشركين في معتقداتهم (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ). (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ).
المعنى :
إن هؤلاء ـ والإشارة للتحقير ـ أى : كفار مكة ليقولون : إن هي إلا موتتنا الأولى ، وما نحن بمبعوثين ، كان يقال لهم : إنكم ستموتون موتة يعقبها حياة كما تقدمتكم موتة أعقبها حياتكم هذه (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) فقالوا ردا على هذا : نسلم لكم أن لنا موتة تعقبها حياة لكن المراد بها الأولى فقط وهي حياتنا هذه بعد موتنا في ظهور آبائنا ، أما الموتة التي بعد انقضاء الأجل فليس بعدها حياة. وما نحن بعدها بمبعوثين في حياة أخرى فكأنهم قالوا : إن هي إلا حياتنا الدنيا.
ثم إنهم احتجوا على عدم البعث ونفى الحشر والنشر فقالوا : إن كان هذا حقا فأحيوا لنا من مات من آبائنا لنسأله عن دعواكم هذه ، تلك شبهة واهية لم يعن القرآن بردها ، وإنما أشار إشارة خفية إلى أن هؤلاء الناس قوم مغرورون بدنياهم وما هم فيه فضرب لهم الأمثال بقوم تبع ومن هم أشد منهم قوة وأكثر جمعا ومن هم أشد في إثارة الأرض وعمارتهم ، لأن هذا الغرور يمنعهم من التفكير السليم فيما وراء الحياة الدنيا.
أهم خير وأشد قوة ومنعة أم قوم تبع في اليمن؟ بلاد الزرع والضرع والقوة والمنعة ، هؤلاء أهلكناهم لما طغوا وبغوا وكفروا برسلهم ، ومثلهم قوم عاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وقوم فرعون ذي الأوتاد أين هؤلاء منهم؟ فاحذروا يا آل مكة عاقبة كعاقبة هؤلاء أو أشد!! وكيف ينكرون البعث والآيات كلها شاهدة بذلك ، وهذه السماء والأرض وهذا الكون كله شاهد عدل على وجود إله حكيم عليم قوى خبير عادل