بالوضع. (مِنْ وُجْدِكُمْ) أى : مما تجدونه ، ويكون في وسعكم وطاقتكم. (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) : ائتمر وتآمر بمعنى واحد ، والمراد : تشاوروا في إرضاع الطفل ، والمعروف : المسامحة والروح الكريمة. (تَعاسَرْتُمْ) : أصابكم إعسار واختلاف. (قُدِرَ) : قتر عليه في الرزق.
المعنى :
يا أيها النبي : إذا أردتم طلاق النساء فالواجب أن تطلقوهن لعدتهن ، نادى الله النبي صلىاللهعليهوسلم ثم خاطب الجميع بقوله : إذا طلقتم للإشارة إلى أنه إمام أمته. وسيد جماعته كما يقال : يا فلان افعلوا كذا فهو المتكلم عنهم ، والآمر لهم وهم لا يصدرون إلا عن رأيه فكان هو وحده سادا مسد الجميع ، ولعل اختيار لفظ النبي في هذا يؤيد هذا المعنى ، وقيل : نودي أولا ثم خوطبت أمته لأن أمر الطلاق مما لا يصح توجيهه للنبي الكريم.
الطلاق جعل سلاحا في يد الزوج ، ولكن يجب أن يستعمل في أضيق حدوده ، ولا يشرع إلا إذا كان لا بد منه. فهو كما يقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أبغض الحلال إلى الله الطّلاق» وروى عن أبى موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ولا تطلّقوا النّساء إلا من ريبة ـ أى : بسببها ـ فإنّ الله عزوجل لا يحبّ الذّوّاقين ولا الذّوّاقات» وعن أنس قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما حلف بالطّلاق ولا استحلف به إلّا منافق» هذا الطلاق المبغوض عند الله يجب ألا يوقعه الزوج في حالة يزداد بها ضرر المرأة ، ولذا قال الفقهاء : إن الطلاق نوعان سنى وبدعى ، أما السنى فهو الذي يقع في طهر مسبوق بحيض لم تجامع فيه المرأة ، والبدعى غير ذلك ، والمراد في الآية أن يكون الطلاق لعدتهن أى : في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة ، وهو في أى طهر لم تجامع فيه ، وهذا ما يسمى بالطلاق السنى.
وأحصوا ـ أيها الأزواج والزوجات ـ العدة ـ فإن المرأة المدخول بها إذا طلقت طلاقا واحدا أو اثنين كان لزوجها حق مراجعتها في العدة ، فإن فاتت العدة كانت خطبة من جديد إن أراد ، فإن طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
واتقوا الله ربكم ، نعم أمرنا بالتقوى وسط هذه الأوامر التي يطل فيها الشيطان برأسه ، وتسرع فيها الفتنة إسراعا كثيرا قد يدعو إلى تغيير الذمة ، لهذا أمرنا بتقوى الله