في الطلاق وهدم البيوت ، وتقوى الله في إحصاء العدة ، وتقوى الله في القضاء على آمال امرأة ، وربما كان لها أطفال. اتقوا الله أيها الناس ولا تخرجوهن ، أى : المطلقات من بيوتهن التي هي ملك للزوج ، ولكنها أضيفت لهن لتأكد النهى عن إخراجها من مسكنها الذي كانت تسكن فيه قبل الطلاق ، ولا يخرجن ، أى : النساء من تلك البيوت إلا أن يأتين بفاحشة ظاهرة تدعو إلى الإخراج كالزنا أو السرقة أو سبها لمن في البيت من الأهل والأبوين ، فلو اتفق الزوجان على الخروج جاز عند بعض الأئمة.
وتلك حدود الله وأحكامه ، ومن يتعد حدود الله بأن أخل بشيء منها فقد ظلم نفسه وأضر بها ، إذ حدود الله لمصلحة الإنسان ، وأنت لا تدرى ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، نعم أنت لا تدرى فربما كان بقاء المرأة في مسكنها مدة العدة يدعوك إلى أن تراجع نفسك وترجع عما فعلته فتراجعها في العدة ، وهذا كثيرا ما يحصل ، بخلاف ما لو خرجت من البيت وكثر القيل والقال. وتدخل الناس بالإفساد انقطع غالبا حبل الصلة ، والمشرع حريص جدّا على عدم انقطاعه.
فإذا شارفن على آخر العدة فإما إمساك بمعروف بأن تراجعها لا للإضرار ، أو تسريح بإحسان ومفارقة بمعروف ، فالنبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا ضرر ولا ضرار».
ويندب أن تشهدوا رجلين عدلين على الطلاق أو الرجعة حتى لا يحصل خلاف فإن الذاكرة قد تخون ، والنفس قد تسول لك أمرا لا يحبه الله ، والواجب على الشهود أن يقيموا الشهادة لله ، ويؤدوها خالصة لوجهه.
ذلكم ـ الأحكام ـ يوعظ بها المؤمنون بالله واليوم الآخر حقا ، أما غيرهم فلا يؤمنون ولا يوعظون بها.
ومن يتق الله يجعل له مخرجا من كل شدة ، ومتسعا من كل ضيق ، وغنى من كل فقر ، وسعادة من كل بؤس ؛ فالتقوى هي الطريق الأقوى ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يدرى ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه ، والتقوى والتوكل ليسا باللسان وإنما هما بالقلب ، ولا يعرفهما إلا الخالق العالم فلا يطلع عليهما سواه ، والله يقول ذلك ، وهو أصدق القائلين ، ولكن من ذاق عرف ، ولا يعرف الشوق إلا من يكابده. قال الربيع بن خيثم : إن الله ـ تعالى ـ قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ، ومن آمن به هداه ، ومن أقرضه جازاه ، ومن وثق به نجاه ، ومن دعاه أجاب