اسمه وتعالى سره ، ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ، كأن الجن حينما سمعوا القرآن نبههم ذلك إلى خطأ كان يعتقده الكفرة من الجن حيث شبهوا الله بالحادث المحتاج إلى الصاحبة والزوجة والذي يجوز عليه الانفصال والاتصال ، ويحتاج إلى الأولاد ، وكيف يكون ذلك مع أنه تعالى الغنى عن كل شيء؟
آمنا بالله وصدقنا بأن ما كان يقوله سفيهنا في حقه ـ سبحانه وتعالى ـ كان شططا وخروجا عن حد المعقول ؛ لفرط بعده عن الحق إذ كان ينسب الصاحبة والولد إليه عزوجل.
وها هم يعتذرون عن تقليدهم لسفيههم وقائدهم في الشر فيقولون : آمنا بالله وصدقنا بخطئنا في ظننا الذي لأجله اعتقدنا ما اعتقدنا في نسبة ما لا يليق بالله ، لأننا كنا نظن أن من المستحيل أن يقول واحد من الإنس والجن على الله قولا كاذبا فيه كنسبة الصاحبة والولد له جل شأنه.
كان الرجل من العرب إذا أمسى في واد مقفر ، وخاف على نفسه نادى بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي ـ يريد رئيس الجن فيه ـ أعوذ بك من سفهاء قومك ، فإذا سمع الجن ذلك استكبروا وزادهم هذا إرهاقا وتعنتا وعتوا (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) بمعنى : آمنا بالله وآمنا بأنه كان رجال من الإنس يلجئون إلى الجن يستعيذون بهم ، فكان الجن يزدادون بذلك عتوّا واستكبارا وقيل إن معنى الآية : وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال منهم وهم الكهان والمنجمون والعرافون ، يستجيرون بهم من أذى الجن ، فيزداد الكهان والعرافون عتوّا واستكبارا ، وهذا علاج جاء على لسان إخواننا الجن لرد البشر إلى الصواب في اعتقادهم في الجن. وعلى ذلك فكاذب من يقول : إن بعض الناس يستخدم الجن أو إن للجن عملا نافعا أو ضارّا في حياتنا ؛ يقول الآلوسي : ولعل تعلق الإيمان بهذا باعتبار ما يشعر به من كون ذلك ضلالا موجبا لزيادة الرهق.
وآمنا بأن الإنس ظنوا خطأ كما ظننتم أن الله لن يبعث أحدا من الرسل إلى أحد من العباد ، وقيل المعنى : أوحى إلى أن الجن ظنوا كما ظننتم أيها الكفرة أن الله لن يبعث أحدا من خلقه بعد موته.